لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَّفَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَقَرَّهَا فِي أَيْدِي أَرْبَابِهَا بِالْخَرَاجِ الَّذِي ضَرَبَهُ أُجْرَةً لَهَا فِي كُلِّ عَامٍ، وَلَمْ تُقَدَّرْ مُدَّتُهَا لِعُمُومِ الْمَصْلَحَةِ فِيهَا وَتَجُوزُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَنْهُ وَقَّفَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ) لِتَكُونَ مَادَّةً لَهُمْ لِقِتَالِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَشُهْرَةُ ذَلِكَ تُغْنِي عَنْ نَقْلِهِ، وَلِأَنَّهَا لَوْ قُسِّمَتْ لَكَانَتْ لِلَّذِينِ افْتَتَحُوهَا، ثُمَّ لِوَرَثَتِهِمْ، أَوْ لِمَنِ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ عَنْهُمْ، وَلَمْ تَكُنْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ جَازَ تَخْصِيصُ أَحَدِهِمَا، لَكَانَ مَنِ افْتَتَحَهَا أَحَقَّ بِهَا (وَأَقَرَّهَا فِي أَيْدِي أَرْبَابِهَا بِالْخَرَاجِ الَّذِي ضَرَبَهُ أُجْرَةً لَهَا فِي كُلِّ عَامٍ) عَنِ الْأَرْضِ (وَلَمْ تُقَدَّرْ مُدَّتُهَا لِعُمُومِ الْمَصْلَحَةِ فِيهَا) هَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، تَقْدِيرُهُ: إِنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُمْ أُجْرَةٌ، فَيَجِبُ تَقْدِيرُ مُدَّتِهَا كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ، فَأَجَابَ بِالْفَرْقِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ عُمُومَ الْمَصْلَحَةِ مَوْجُودٌ هُنَا بِخِلَافِ مَا إِذَا أُجِّرَ مِلْكُهُ لِإِنْسَانٍ، أَوْ يُقَالُ: إِنَّهَا لَا تَصِحُّ، مَجْهُولَةٌ فِي أَمْلَاكِ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا فِي أَمْلَاكِ الْكُفَّارِ أَوْ فِي حُكْمِ أَمْلَاكِهِمْ فَجَائِزٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَمِيرَ لَوْ قَالَ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى الْقَلْعَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَلَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ صَحَّ، وَإِنْ كَانَتْ بِجَعْلٍ مَجْهُولٍ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَتْ أُجْرَةً لَمْ تُؤْخَذْ عَنِ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ لِعَدَمِ صِحَّةِ إِجَارَةِ ذَلِكَ، وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْمَأْخُوذَ هُنَاكَ عَنِ الْأَرْضِ إِلَّا أَنَّ الْأُجْرَةَ اخْتَلَفَتْ لِاخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ، فَالْمَنْفَعَةُ بِالْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا النَّخْلُ أَكْثَرُ، وَإِنَّمَا كَرِهَ أَحْمَدُ الدُّخُولَ فِيهَا لِمَا شَاهَدَهُ فِي وَقْتِهِ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ كَانَ يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَى مَا وَظَّفَهُ عُمَرُ وَيَضْرِبُ وَيَحْبِسُ وَيَصْرِفُهُ إِلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ بَيْعُهَا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: جَوَّزَ أَحْمَدُ إِصْدَاقَهَا، وَقَالَهُ جَدُّهُ وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي عَلَى نَفْعِهَا (وَتَجُوزُ إِجَارَتُهَا) لِأَنَّهَا مُؤَجَّرَةٌ فِي أَيْدِي أَرْبَابِهَا، وَإِجَارَةُ الْمُؤَجَّرِ جَائِزَةٌ، وَعَنْهُ: لَا، ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ كَالْبَيْعِ (وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَرِهَ بَيْعَهَا) لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ وَنَقَلَ أَبُو دَاوُدَ: يَبِيعُ مِنْهُ وَيَحُجُّ؛ قَالَ: لَا أَدْرِي فَدَلَّ عَلَى التَّوَقُّفِ (وَأَجَازَ شِرَاءَهَا) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِنْقَاذِ. وَعَنْهُ: لِحَاجَتِهِ وَعِيَالِهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: أَمْقُتُ السَّوَادَ، وَالْمَقَامُ فِيهِ كَالْمُضْطَرِّ يَأْكُلُ مِنَ الْمَيْتَةِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَعَلَى الصِّحَّةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا كَانَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ يُؤَدِّي خَرَاجَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute