إِجَارَتُهَا، وَعَنْهُ: يَجُوزُ ذَلِكَ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ كُلِّ مَاءِ عِدٍّ كَمِيَاهِ الْعُيُونِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ، وَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَعَنْهُ: يَجُوزُ ذَلِكَ) اخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ» وَإِذَا فُتِحَتْ صُلْحًا كَانَتْ مِلْكًا لِأَهْلِهَا فَجَازَ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْبَيْعِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ " الْهَدْيِ " فِيهِ، لِأَنَّ عُمَرَ اشْتَرَى مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ دَارًا بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَاشْتَرَى مُعَاوِيَةُ مِنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ دَارَيْنِ بِمَكَّةَ إِحْدَاهُمَا: بِسِتِّينَ أَلْفًا، وَالْأُخْرَى بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا، وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِنْقَاذِ مَعَ أَنَّ عُمَرَ اشْتَرَى ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ وَجَعَلَهُ سِجْنًا.
يُؤَيِّدُهُ فِعْلُهُ ذَلِكَ فِي أَرْضِ السَّوَادِ، وَعَلَى الْمَنْعِ إِنْ سَكَنَ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يَأْثَمُ بِدَفْعِهَا جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَعَنْهُ: بَلَى قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هِيَ سَاقِطَةٌ يَحْرُمُ بَذْلُهَا، وروى أَنَّ سُفْيَانَ سَكَنَ بَعْضَ رِبَاعِ مَكَّةَ وَهَرَبَ، وَلَمْ يُعْطِهِمْ أُجْرَةً فَأَدْرَكُوهُ فَأَخَذُوهَا مِنْهُ، وَذُكِرَ ذَلِكَ لِأَحْمَدَ فَتَبَسَّمَ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَعْجَبَهُ.
مَسْأَلَةٌ: الْحُرُمُ كَمَكَّةَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَا خَرَاجَ عَلَى مَزَارِعِهَا؛ لِأَنَّهُ جِزْيَةُ الْأَرْضِ.
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ كُلِّ مَاءِ عِدٍّ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِّ، وَهُوَ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ لَا تَنْقَطِعُ (كَمِيَاهِ الْعُيُونِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «نَهَى أَنْ يُبَاعَ الْمَاءُ» ، رَوَاهُ الْأَثْرَمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَلِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ عَلَى الصَّحِيحِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute