خِيَارِهِمَا إِلَى أَنْ يَقْطَعَاهُ، أَوْ تَنْتَهِيَ مُدَّتُهُ، وَلَا يَثْبُتَ إِلَّا فِي الْبَيْعِ، وَالصُّلْحُ بِمَعْنَاهُ، وَالْإِجَارَةِ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ عَلَى مُدَّةٍ لَا تَلِي الْعَقْدَ، وَإِنْ شَرَطَاهُ إِلَى الْغَدِ لَمْ يَدْخُلْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَهُوَ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ (وَعَنْهُ: يَجُوزُ) وَقَالَهُ ابْنُ شُبْرُمَةَ لِلْخَبَرِ، فَعَلَى هَذِهِ (هُمَا عَلَى خِيَارِهِمَا إِلَى أَنْ يَقْطَعَاهُ، أَوْ تَنْتَهِيَ مُدَّتُهُ) إِنْ كَانَتْ مُعَلَّقَةً بِمَا تَنْتَهِي بِهِ.
(وَلَا يَثْبُتُ إِلَّا فِي الْبَيْعِ) لِمَا مَرَّ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ لِصِحَّتِهِ كَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ (وَالصُّلْحُ بِمَعْنَاهُ) لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِلَفْظِ الصُّلْحِ، وَقِسْمَةٌ. قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ " قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَإِنْ كَانَ رَدَّ، وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ دُخُولَهُ فِي سِلْمٍ - رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ - لِعَدَمِ اعْتِبَارِ قَبْضِهِمَا (وَالْإِجَارَةِ فِي الذِّمَّةِ) كَقَوْلِهِ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَخِيطَ لِي هَذَا الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ، فَيَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ لِلْغَبْنِ، فَوَجَبَ ثُبُوتُهُ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ (أَوْ عَلَى مُدَّةٍ لَا تَلِي الْعَقْدَ) كَمَا لَوْ أَجَّرَهُ سَنَةَ خَمْسٍ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ تَلِي الْعَقْدَ لَا يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الشَّرْطِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لأنه يفضي إِلَى فَوَاتِ ببَعْضِ الْمَنَافِعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا، أَوْ إِلَى اسْتِيفَائِهَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ؟ وكلاهما غير جَائِزٌ، وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَتَصَرَّفُ الْمُسْتَأْجِرُ، فَإِنْ فَسَخَ الْعَقْدَ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَوْفَاةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ في غير مَا ذُكِرَ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَثْبُتُ فِي ضَمَانٍ وَكَفَالَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ صَاحِبُ " الرَّوْضَةِ " يَثْبُتُ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَجُوزُ فِي كُلِّ الْعُقُودِ (وَإِنْ شَرَطَاهُ إِلَى الْغَدِ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْمُدَّةِ) لِأَنَّ " إِلَى " لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ، وَمَا بَعْدَهَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] وَكَنَظَائِرِهِ فِي الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ (وَعَنْهُ: تَدْخُلُ) لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى " مَعَ " فَعَلَيْهَا لَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ إِلَّا بِآخِرِ الْغَدِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا، وَحَمْلُهَا عَلَى الْمَعِيَّةِ إِمَّا لِدَلِيلٍ أَوْ لِتَعَذُّرِ حَمْلِهَا عَلَى مَوْضُوعِهَا الْأَصْلِيِّ، وَإِلَى الظُّهْرِ إِلَى الزَّوَالِ كَالْغَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute