فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إِلَّا بِمَا يَحْصُلُ بِهِ تَجْرِبَةُ الْمَبِيعِ، وَإِنْ تَصَرَّفَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا ولَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُمَا، وَيَكُونُ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فَسْخًا لِلْبَيْعِ، وَتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي إِسْقَاطًا لِخِيَارِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ الْبَيْعُ وَالْخِيَارُ بِحَالِهِمَا، وَإِنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُنْفَصِلُ، وَعَنْهُ: وَكَسْبُهُ لِلْبَائِعِ كَرِوَايَةِ الْمَلِكِ لَهُ.
فَرْعٌ: الْحَمْلُ وَقْتُ الْعَقْدِ مَبِيعٌ، وَعَنْهُ: نَمَاءٌ، فَتُرَدُّ الْأُمُّ بِعَيْبٍ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ، ذَكَرَهُ فِي " الْوَسِيلَةِ "، فَعَلَى الْأَوَّلِ: هَلْ هُوَ كَأَحَدِ عَيْنَيْنِ، أَوْ تَبَعٌ لِلْأُمِّ لَا حُكْمَ لَهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ.
(وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمِلْكٍ لِلْبَائِعِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَلَا انْقَطَعَتْ عَنْهُ عَلَقَةٌ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا يُمْنَعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْعِوَضِ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَ " الرِّعَايَةِ "، وَالزَّرْكَشِيُّ حِذَارًا مِنْ إِبْطَالِ حَقِّ الْآخَرِ (إِلَّا بِمَا يَحْصُلُ بِهِ تَجْرِبَةُ الْمَبِيعِ) كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِيَنْظُرَ سَيْرَهَا، وَحَلْبِ الشَّاةِ لِيَعْلَمَ قَدْرَ لَبَنِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَقْصُودَ مِنَ الْخِيَارِ، وَهُوَ اخْتِبَارُ الْمَبِيعِ (فَإِنْ تَصَرَّفَا) أَوْ أَحَدُهُمَا: (بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا) مِمَّا يَنْقِلُ الْمِلْكَ، أَوْ يُثْبِتُ النَّقْلَ فِي الْعُقُودِ كَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ فَهُوَ حَرَامٌ (وَلَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُمَا) كَذَا أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفٌ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَمْلِكُهُ، وَالْمُشْتَرِي يَقْتَضِي تَصَرُّفُهُ إِلَى إِسْقَاطِ حَقِّ الْبَائِعِ مِنَ الْخِيَارِ، وَاسْتِرْجَاعِ الْمَبِيعِ، وَقِيلَ: يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ إِذَا قُلْنَا: الْمِلْكُ لَهُ وَالْخِيَارُ لَهُ، وَفِي " الْمُغْنِي " أَوَّلُهُمَا، وَعَنْهُ: يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي، كَمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ: مَوْقُوفٌ.
(وَيَكُونُ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فَسْخًا لِلْبَيْعِ وَتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي إِسْقَاطًا لِخِيَارِهِ) أَيْ: رَضِيَ بِهِ (فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ بِالتَّصْرِيحِ فَحَصَلَ بِالدَّلَالَةِ عَلَيْهِ كَالْمُعْتَقَةِ، فَإِنَّ خِيَارَهَا يَسْقُطُ بِتَمْكِينِهَا الزَّوْجَ مِنْ وَطْئِهَا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي وَسَوْمَهُ وَوَطْأَهُ وَلَمْسَهُ بِشَهْوَةٍ إِمْضَاءٌ، قَالَ أَحْمَدُ: وَجَبَ عَلَيْهِ حِينَ عَرَضَهُ (وَفِي الْآخَرِ الْبَيْعُ وَالْخِيَارُ بِحَالِهِمَا) أَيْ: لَيْسَ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فَسْخًا لِلْبَيْعِ، نَصَّ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute