وَكَذَلِكَ إِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ، وَعَنْهُ: لَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْبَائِعِ وَلَهُ الْفَسْخُ، وَالرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ وَحُكْمُ الْوَقْفِ حُكْمُ الْبَيْعِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعِتْقِ، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
شَهْوَةٍ لَا يَبْطُلُ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ التَّقْبِيلَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَيْسَ بِاسْتِمْتَاعٍ بِوَجْهٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَا ذَكَرَهُ هُوَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي نَفَذَ عِتْقُهُ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ مِنْ مَالِكٍ جَائِزِ التَّصَرُّفِ تَامِّ الْمِلْكِ فَنَفَذَ، كَمَا لَوْ كَانَ بَعْدَ مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» دَالٌّ عَلَى نُفُوذِهِ فِي الْمِلْكِ، وَمِلْكُ الْبَائِعِ الْفَسْخُ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ، كَمَا لَوْ وَهَبَ ابْنَهُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ مَعَ مِلْكِ الْأَبِ اسْتِرْجَاعَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ عِتْقَ الْبَائِعِ لَا يَنْفُذُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (وَبَطَلَ خِيَارُهُمَا) لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَصَرَّفَ بِمَا يَقْتَضِي اللُّزُومُ، وَهُوَ الْعِتْقُ (وَكَذَلِكَ إِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ) أَيْ: بَعْدَ قَبْضِهِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَيَبْطُلُ خِيَارُهُ، وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّ التَّالِفَ لَا يَتَأَتَّى عَلَيْهِ الْفَسْخُ، وَلِأَنَّهُ خِيَارُ فَسْخٍ فَبَطَلَ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ إِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ. وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ لِلْبَائِعِ (وَعَنْهُ: لَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْبَائِعِ) أَمَّا فِي الْعِتْقِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى، وَتَعْذُّرُ الرُّجُوعِ لَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِكَوْنِهِ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، فَإِذَا فَسَخَ مَلَكَ الرُّجُوعَ فِي قِيمَتِهِ، وَأَمَّا فِي التَّلَفِ فَقِيلَ: هِيَ أَنَصُّهُمَا، وَاخْتَارَهَا الشَّرِيفُ، وَابْنُ عَقِيلٍ وَحَكَاهُ فِي مَوْضِعٍ عَنِ الْأَصْحَابِ لِعُمُومِ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ» ، وَلِأَنَّهُ خِيَارُ فَسْخٍ، فَلَمْ يَبْطُلْ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى ثَوْبًا بِآخَرَ فَتَلَفَ أَحَدُهُمَا وَوَجَدَ بِالْآخَرِ عَيْبًا، فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ، فَكَذَا هُنَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَانَ مَحَلُّ التَّرَدُّدِ هَلِ النَّظَرُ إِلَى حَالِ الْعَقْدِ، أَوْ إِلَى الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ (وَ) عَلَيْهَا (لَهُ الْفَسْخُ) لِأَنَّ خِيَارَهُ لَمْ يَبْطُلْ (وَالرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ) لِأَنَّهَا بَدَلُ مَا لَا مِثْلَ لَهُ، أَوْ بِمِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا.
(وَحُكْمُ الْوَقْفِ حُكْمُ الْبَيْعِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute