للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكْبَانَ، فَاشْتَرَى مِنْهُمْ وَبَاعَ لَهُمْ، فَلَهُمُ الْخِيَارُ إِذَا هَبَطُوا السُّوقَ وَعَلِمُوا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عَلَى كُلِّ رَاكِبٍ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْقَادِمُونَ مِنَ السَّفَرِ، وَإِنْ كَانُوا مُشَاةً (فَاشْتَرَى مِنْهُمْ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْخِرَقِيِّ، وَ " الْمُحَرَّرِ " فَيُحْتَمَلُ قَصْرُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا لَا فَرْقَ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ (وَبَاعَ لَهُمْ فَلَهُمُ الْخِيَارُ إِذَا هَبَطُوا السُّوقَ وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ غُبِنُوا غَبْنًا يَخْرُجُ عَنِ الْعَادَةِ) هَذَا بَيْعٌ مَكْرُوهٌ صَحِيحٌ فِي قَوْلِ الْجَمَاهِيرِ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَلَقُّوا الْجَلَبَ فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِذَا أَتَى السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي صَحِيحٍ، وَالنَّهْيُ لَا يَرْجِعُ لِمَعْنَى الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا يَعُودُ لِضَرْبٍ مِنَ الْخَدِيعَةِ يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ بِالْخِيَارِ أَشْبَهَ الْمُصَرَّاةَ، وَقُوَّةُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنَ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِقَصْدِ التَّلَقِّي، فَلَوْ خَرَجَ بِغَيْرِ قَصْدٍ فَوَافَاهُمْ وَاشْتَرَى مِنْهُمْ لَمْ يَحْرُمْ ذَلِكَ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ، وَذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ " الْمَنْصُوصِ، وَذَكَرَ فِي " التَّلْخِيصِ " وَ " الْفُرُوعِ " أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّ النَّصَّ عَنْ أَحْمَدَ إِنَّمَا هُوَ فِي البائع، لظاهر الْأَخْبَارِ فَعَلَيْهِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ مَعَ الْغَبْنِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْبَائِعِ، وَلَا ضَرَرَ مَعَ الْغَبْنِ، وَعَنْهُ: يَثْبُتُ لَهُمُ الْخِيَارُ مَعَ عَدَمِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ، وَقَدْرُهُ بِمَا يَخْرُجُ عَنِ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِتَحْدِيدِهِ فَيَرْجِعُ فِيهِ إِلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ، وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ يَثْبُتُ فِيهِ وَإِنْ قَلَّ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَسَامَعُ بِهِ عَادَةً، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى يقدر بالثلث لِأَنَّهُ كَثِيرٌ، وَقِيلَ: بِالسُّدُسِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>