للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّدَّ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ إِلَّا أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى مِنَ التَّصَرُّفِ وَنَحْوِهِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَا يَفْتَقِرُ الرَّدُّ إِلَى رِضًى وَلَا قَضَاءٍ وَلَا حُضُورِ صَاحِبِهِ، وَإِنِ اشْتَرَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

(وَمَنْ عَلِمَ الْعَيْبَ فَأَخَّرَ الرَّدَّ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ) لِأَنَّهُ خِيَارٌ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقَّقٍ، فَلَمْ يَبْطُلْ بِالتَّأْخِيرِ الْخَالِي عَنِ الرِّضَى بِهِ كَخِيَارِ الْقِصَاصِ (إِلَّا أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى مِنَ التَّصَرُّفِ وَنَحْوِهِ) كَالْوَطْءِ وَالسَّوْمِ وَالِاسْتِغْلَالِ، ذَكَرَهُ مُعْظَمُهُمْ؛ لِأَنَّ دَلِيلَ الرِّضَى مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ التَّصْرِيحِ بِهِ، لَكِنْ لَوِ احْتَلَبَ الْمَبِيعُ وَنَحْوُهُ لَمْ يَمْنَعِ الرَّدَّ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ فَيُسْتَثْنَى.

قَالَ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ": أَوْ رَكِبَهَا لِيَسْقِيَهَا أَوْ عَلَفَهَا.

وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " إِنِ اسْتُخْدِمَ لَا لِلِاخْتِبَارِ بَطَلَ رَدُّهُ بِالْكَثِيرِ، وَإِلَّا فَلَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمَا ذَكَرْنَا، وَأَنَّهُ لَا أَرْشَ أَيْضًا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَنْهُ: لَهُ الْأَرْشُ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ دَلَّ عَلَى الرِّضَى فَمَعَ الْأَرْشِ كَإِمْسَاكِهِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ.

قَالَ: وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " قَالَ فِي " التَّنْبِيهِ ": وَالِاسْتِخْدَامُ، وَالرُّكُوبُ لَا يَمْنَعُ أَرْشَ الْعَيْبِ إِذَا ظَهَرَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ، وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ إِنَّمَا نَصَّ أَنَّهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ، فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْأَرْشَ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ) لِأَنَّهُ خِيَارٌ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْمَالِ أَشْبَهَ الشُّفْعَةَ، فَعَلَى هَذَا مَتَى عَلِمَ الْعَيْبَ وَأَخَّرَ الرَّدَّ مَعَ إِمْكَانِهِ بَطَلَ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى كَالتَّصَرُّفِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الشُّفْعَةَ ثَبَتَت لِدَفْعِ ضَرَرٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.

(وَلَا يَفْتَقِرُ الرَّدُّ إِلَى رِضًى وَلَا قَضَاءٍ وَلَا حُضُورِ صَاحِبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ رَفْعُ عَقْدٍ جُعِلَ إِلَيْهِ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ ذَلِكَ كَالطَّلَاقِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، (وَإِنِ اشْتَرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>