عَشَرَةٍ دِرْهَمًا، وَالْمُوَاضَعَةُ: أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَهُ بِهَا، وَوَضِيعَةُ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: الْمُسَاوَمَةُ أَسْهَلُ عِنْدِي مِنَ الْمُرَابَحَةِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الصِّدْقِ وَاجْتِنَابِ الرِّيبَةِ.
مَسَائِلُ: إِذَا بَاعَهُ السِّلْعَةَ مُرَابَحَةً فَأَخْبَرَهُ أَنَّ ثَمَنَهَا مِائَةٌ بِرِبْحِ عَشَرَةٍ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ تِسْعُونَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الثَّمَنِ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ، وَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِالزِّيَادَةِ، وَهُوَ عَشَرَةٌ وَحَظُّهَا مِنَ الرِّبْحِ، وَهُوَ دِرْهَمٌ فَيَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ الْمَبِيعِ بِرَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ وَبَيْنَ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ الْخِيَانَةَ فِي هَذَا الثَّمَنِ أَيْضًا وَرُبَّمَا كَانَ حَالِفًا أَوْ وَكِيلًا.
وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا؛ لِأَنَّ مَنْ رَضِيَ بِمِائَةٍ وعشرة يرضى بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ، فَلَوْ أَخْبَرَ الْبَائِعَ أَنَّ ثَمَنَهَا أَكْثَرُ، وَأَنَّهُ غَلِطَ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ مَعَهُ فِي الْمُرَابَحَةِ، فَقَدِ ائْتَمَنَهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ، وَلَهُ تَحْلِيفُ بَائِعٍ إِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ وَقْتَ بَيْعِهَا أَكْثَرُ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ، فَإِنْ نَكَلَ أَوْ أَقَرَّ قُضِيَ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا يُسْمَعُ مِنْهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، اخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَصَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ ".
وَعَنْهُ: يُقْبَلُ إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالصِّدْقِ لِتَرَجُّحِهِ إِذَنْ.
وَعَنْهُ: لَا يُقْبَلُ، وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً لِتَكْذِيبِهِ لَهَا ظَاهِرًا إِلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَحْلِفُ مُشْتَرٍ بِدَعْوَى بَائِعٍ عَلَيْهِ عَلِمَ الْغَلَطَ، وَصَحَّحَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " خِلَافَهُ، وَبِكُلِّ حَالٍ إِذَا صَدَّقَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أُخِذَ بِهِ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَذَّبَهُ حَلَّفَهُ كَغَيْرِهِ مِنَ الْأُمَنَاءِ، وَإِنْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِهَا عَالِمًا، لَزِمَهُ.
١ -
(وَالْمُوَاضَعَةُ) : الْمُتَارَكَةُ فِي الْبَيْعِ وَسُمِّيَ بِالْمُوَاضَعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِدُونِ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْمُرَابَحَةِ، وَيُكْرَهُ فِيهَا مَا يُكْرَهُ فِيهَا، وَهِيَ (أَنْ يَقُولَ) الْبَائِعُ: (بِعْتُكَهُ بِهَا) أَيْ: بِرَأْسِ مَالِهِ (وَوَضِيعَةُ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ) لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُحَصَّلٌ لِمَقْصُودِ الْبَيْعِ بِدُونِ رَأْسِ الْمَالِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ مَكْرُوهٌ بِخِلَافِ مَا إِذَا قَالَ: بِعْتُكَ هَذَا بِهِ وَأَضَعُ لَكَ عَشَرَةً (فَيَلْزَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute