مِنْهُمَا الْفَسْخُ، وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ تَالِفَةً، ورَجَعَا إِلَى قِيمَةِ مِثْلِهَا فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مع يمينه، وَعَنْهُ: لَا يَتَحَالَفَانِ إِذَا كَانَتْ تَالِفَةً، وَالْقَوْلُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كُلٍّ مِنْهُمَا بِالطَّلَاقِ (وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ تَالِفَةً) تَحَالَفَا (وَرَجَعَا إِلَى قِيمَةِ مِثْلِهَا) اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِعُمُومِ مَا سَبَقَ، فَيَغْرُمُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، وَفِيهِ شَيْءٌ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِيهَا، نَقَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ.
وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " أنَّ القِيمَةَ السِّلْعَةِ إِنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي، فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لعدم الفائدة فِي يَمِينِ الْبَائِعِ، وَفُسِخَ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَاحْتِمَالَانِ، أَحَدُهُمَا: كَمَا ذَكَرْنَا، وَالْآخَرُ: يَشْرَعُ التَّحَالُفُ لحصول الفائدة لِلْمُشْتَرِي.
(فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الصِّفَةُ عَيْبًا كَالْبَرَصِ وَخَرْقِ الثَّوْبِ، أَوْ لَا كَالسَّمْنِ، وَالْكِتَابَةِ.
وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُ بَائِعٍ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَغَايَتُهُ تَعَارَضَ أَصْلَانِ فَخَرَجَ قَوْلَانِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَبَضَ الثَّمَنَ وَشَارَكَ الْقِيمَةَ، وَكَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ تَعَارَضَا وَتَسَاقَطَا، وَإِلَّا سَقَطَ الْأَقَلُّ، وَمِثْلُهُ مِنَ الْأَكْثَرِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ أَو الْقِيمَةَ إِنْ زَادَتْ عَلَى الثَّمَنِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ، وَقَرَّرَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا عَلَى وَجْهٍ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ (وَعَنْهُ: لَا يَتَحَالَفَانِ إِذَا كَانَتْ تَالِفَةً) لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ ". فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ عِنْدَ عَدَمِهَا (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ) لأنهما اتفقا عَلَى نَقْلِ السِّلْعَةِ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرٍ زَائِدٍ يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ وَيُنْكِرُهُ الْمُشْتَرِي، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَمْ يَقُلْ فِيهِ: " وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ " إِلَّا يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، وَقَدْ أَخْطَأَ، رَوَاهُ الْخَلْقُ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ بِغَيْرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي " الْفُرُوعِ " شَيْئًا (وَإِنْ مَاتَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute