التَّسْلِيمِ، ثُمَّ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا معه، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا بَعِيدًا أَوِ الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ حَجَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي مَالِهِ كُلِّهِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنِ الْبَلَدِ قَرِيبًا احْتَمَلَ أَنْ يَثْبُتَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَوْ مُؤَجَّلًا وَاخْتَارَ الْمُؤَلِّفُ، وَقَالَهُ فِي " الِانْتِصَارِ " خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ فِي تَسْلِيمِهِ بِدُونِ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ (ثُمَّ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا مَعَهُ) لِأَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ، وَحَقُّ الْبَائِعِ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ، فَوَجَبَ تَقْدِيمُ مَا تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ كَتَقْدِيمِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ. فَإِنْ كَانَ عَرَضًا بِعَرَضٍ لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُ الْبَائِعِ بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ (وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (غَائِبًا بَعِيدًا) أَيْ: فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ (أَوِ الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا) .
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَوْ مُمَاطِلًا (فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ) ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي تَأْخِيرِ الثَّمَنِ فَكَانَ لَهُ الْفَسْخُ، وَالرُّجُوعُ فِي عَيْنِ مَالِهِ كَمُفْلِسٍ وَكَمَبِيعٍ.
نَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ لَا يَكُونُ مُفْلِسًا إِلَّا أَنْ يُفَلِّسَهُ الْقَاضِي، أَوْ يُبَيِّنَ أَمْرَهُ فِي النَّاسِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " إِنْ قَارَنَ الْإِفْلَاسُ الْعَقْدَ، وَلَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ قَبَضَهُ، ثُمَّ أَفْلَسَ فَلَهُ الْفَسْخُ، نَصَّ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ) أَوْ بَيْنَهُ (حَجَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي مَالِهِ كُلِّهِ) وَمِنْ جُمْلَتِهِ الْمَبِيعُ (حَتَّى يُسَلِّمَهُ) لِئَلَّا يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ تَصَرُّفًا يَضُرُّ بِالْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا بَقِيَ الْحَجْرُ فِيهِ إِلَى أَجَلِهِ، قَالَهُ فِي " الْوَجِيزِ ".
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُبَاعَ الْمَبِيعُ.
وَقِيلَ: وَغَيْرُهُ مِنْ مَالِهِ فِي وَفَاءِ ثَمَنِهِ إِذَا تَعَذَّرَ لِإِعْسَارٍ أَوْ بُعْدٍ (وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (غَائِبًا عَنِ الْبَلَدِ قَرِيبًا) أَيْ: دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (احْتَمَلَ أَنْ يَثْبُتَ لِلْبَائِعِ الْفَسْخُ) لِأَنَّ فِي التَّأْخِيرِ ضَرَرًا عَلَيْهِ (وَاحْتَمَلَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى الْمُشْتَرِي) حَتَّى يُسَلِّمَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ.
وَحَكَاهُمَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ " وَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَالْفَسْخُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ لِتَعَذُّرِ ثَمَنِهِ بِخِلَافِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا أَحْضَرَ الْمُشْتَرِي أَوْ وَارِثُهُ أَوْ وَكِيلُهُ نِصْفَ الثَّمَنِ، فَهَلْ يَأْخُذُ نِصْفَ الْمَبِيعِ أَوْ كُلَّهُ أَوْ لَا يَقْبِضُ شَيْئًا حَتَّى يَزِنَ الْبَاقِي، أَوْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَرُدَّ مَا أَخَذَهُ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute