إِلَّا فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، وَلَا يُبَاعُ مَا أَصْلُهُ الْكَيْلُ بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُسَيَّبِ مَرْفُوعًا «لَا رِبَا إِلَّا فِيمَا كِيلَ، أَوْ وُزِنَ مِمَّا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ سَعِيدٍ وَمَنْ رَفَعَهُ، فَقَدْ وَهِمَ، وَلِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ فَنَهْيُهُ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا فِيهِ مِعْيَارٌ شَرْعِيٌّ، وَهُوَ الْكَيْلُ، وَالْوَزْنُ، إِذِ الطُّعْمُ بِمُجَرَّدِهِ لَا تَتَحَقَّقُ الْمُمَاثَلَةُ بِهِ وَنَهْيُهُ عَنْ بَيْعِ الصَّاعِ بِالصَّاعَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَطْعُومِ، لَكِنْ يَتَرَجَّحُ الْأَوَّلُ: بِأَنَّ الطَّعَامَ بَعْضُ أَفْرَادِ الصَّاعِ، وَيُجَابُ بِمُخَالَفَتِهِ لَهُ فِي الْمَفْهُومِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ مَفْهُومِ اللَّقَبِ، وَهُوَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَنَا، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ الثَّمَنِّيَةُ فِيهِمَا عِلَّةٌ قَاصِرَةٌ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِهَا فِي اخْتِيَارِ الْأَكْثَرِ وَنُقِضَتْ طَرْدًا بِالْفُلُوسِ لِأَنَّهَا أَثْمَانٌ، وَعَكْسًا بِالْحُلِيِّ، وَأُجِيبَ لِعَدَمِ النَّقْدِيَّةِ الْغَالِبَةِ.
قَالَ فِي " الِانْتِصَارِ ": يَجِبُ أَنْ يَقُولُوا إِذَا نَفَقَتْ حَتَّى لَا يُتَعَامَلَ إِلَّا بِهَا أنَّ فِيهَا الرِّبَا لِكَوْنِهَا ثَمَنًا غَالِبًا، فَعَلَيْهَا لَا يَجْرِي فِي مَطْعُومٍ لَا يُكَالُ، وَلَا يُوزَنُ كَالرُّمَّانِ، وَالسَّفَرْجَلِ، وَالْأُتْرُجِّ، وَلَا فِي غَيْرِ مَطْعُومٍ كَالْأُشْنَانِ، وَالْحَدِيدِ وَيَجْرِي فِي النَّقْدَيْنِ تِبْرُهُمَا وَمَضْرُوبُهُمَا وَجَيِّدُهُمَا وَرَدِيئُهُمَا فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ كَيْفَمَا كَانَا.
وَعَنْهُ: لَا يُبَاعُ صِحَاحٌ بِمُكَسَّرَةٍ لِزِيَادَتِهِ بِالصِّنَاعَةِ، وَلَا عَمَلَ عَلَيْهَا لِظَوَاهِرِ الْأَخْبَارِ.
(وَلَا يُبَاعُ مَا أَصْلُهُ الْكَيْلُ بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِهِ وَزْنًا، وَلَا مَا أَصْلُهُ الْوَزْنُ كَيْلًا) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَهُوَ رِبًا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ مَرْفُوعًا «الْبُرُّ بِالْبُرِّ مُدْيٌ بِمُدْيٍ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مُدْيٌ بِمُدْيٍ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مُدْيٌ بِمُدْيٍ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ فَمَنْ زَادَ، أَوِ ازْدَادَ، فَقَدْ أَرْبَى» . فَاعْتَبَرَ الشَّارِعُ الْمُسَاوَاةَ فِي الْمَوْزُونَاتِ بِالْوَزْنِ، وَفِي الْمَكِيلَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute