فَصْلٌ
وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ، فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَصْلٌ (وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، لِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ لِلْبَائِعِ، فَإِذَا بَاعَ الْعَبْدَ اخْتُصَّ بِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ سَوَاءٌ قُلْنَا: الْعَبْدُ يُمْلَكُ بِالتَّمْلِيكِ، أَوْ لَا، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِ (فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ الْمَالَ اشْتُرِطَ عِلْمُهُ) أَيْ: الْعِلْمُ بِالْمَالِ (وَسَائِرُ شُرُوطِ الْبَيْعِ) ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مَقْصُودٌ أَشْبَهَ مَا لَوْ ضَمَّ إِلَيْهِ عَيْنًا أُخْرَى (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ الْمَالَ لَمْ يُشْتَرَطْ) أَيْ: لَمْ يُشْتَرَطْ عِلْمُهُ بِهِ وَيَصِحُّ شَرْطُهُ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ دَخَلَ تَبَعًا أَشْبَهَ أَسَاسَاتِ الْحِيطَانِ، وَالتَّمْوِيهِ بِالذَّهَبِ فِي السُّقُوفِ وَسَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ الثمر، أَوْ دُونَهُ، أَوْ فَوْقَهُ وَحَكَاهُ فِي " الْمُنْتَخَبِ " عَنِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ أَنَاطُوا الْحُكْمَ بِالْقَصْدِ وَعَدِمِهِ.
قَالَ: صَاحِبُ " التَّلْخِيصِ "، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حُكْمُ التَّبَعِيَّةِ، وَيَصِيرُ كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَمَالًا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ مُطْلَقٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ "، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي " الِانْتِصَارِ ": إِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُ فَاشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِي صَارَ مَالُهُ مَبِيعًا مَعَهُ وَيُشْتَرَطُ لَهُ مَا يُشْتَرَطُ لِسَائِرِ الْمَبِيعَاتِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ احْتُمِلَتْ فِيهِ الْجَهَالَةُ وَغَيْرُهَا، فَيَدْخُلُ تَبَعًا كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَزَادَ: إِلَّا إِذَا كَانَ قَصْدُهُ الْعَبْدَ لَا الْمَالَ، فَلَا يُشْتَرَطُ، وَقِيلَ: إِنَّ الْمَالَ لَيْسَ بِمَبِيعٍ هُنَا، وَإِنَّمَا اسْتَبْقَاهُ الْمُشْتَرِي عَلَى مِلْكِ الْعَبْدِ لَا يَزُولُ عَنْهُ إِلَى الْبَائِعِ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ " وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ.
فَرْعٌ: لَوْ شَرَطَ مَالَ الْعَبْدِ، ثُمَّ رَدَّهُ بِإِقَالَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا رَدَّ مَالَهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالٍ أَخَذَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute