آخَرَ لَزِمَتْهُ، وَإِنْ أَقْرَضَهُ غَيْرَهَا لَمْ تَلْزَمْهُ، فَإِنْ طَالَبَهُ بِالْقِيمَةِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِذَا أَقْرَضَهُ أَثْمَانًا فَطَالَبَهُ بِهَا بِبَلَدٍ آخَرَ لَزِمَتْهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ قَضَاءَ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَلَزِمَهُ، كَمَا لَوْ طَالَبَهُ بِبَلَدِ الْقَرْضِ؛ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ لَا تَخْتَلِفُ، فَانْتَفَى الضَّرَرُ (وَإِنْ أَقْرَضَهُ غَيْرَهَا) كَالْحِنْطَةِ، وَالْفُلُوسِ (لَمْ يَلْزَمْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ إِلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مَؤُونَةٌ، فَإِنْ طَالَبَهُ بِالْقِيمَةِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا؛ لِأَنَّهُ إِذَا تَعَذَّرَ رَدُّ الْمِثْلِ تَعَيَّنَتِ الْقِيمَةُ، وَالِاعْتِبَارُ بِقِيمَةِ الْبَلَدِ الَّذِي أَقْرَضَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَكَانُ الَّذِي يَجِبُ التَّسْلِيمُ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَقَصَتِ الْقِيمَةُ بِبَلَدِ الْقَبْضِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا النَّاقِصَةُ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إِذَا اقْتَرَضَ بِبَلَدٍ فَطُلِبَ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ بَدَلُهُ إِلَّا مَا كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَقِيمَتُهُ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ أَنْقَصُ فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ إِذَنْ فِيهِ فَقَطْ، وَفِي " الْمُغْنِي " إِذَا كَانَ لِحَمْلِهِ مَؤُنَةٌ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ إِلَيْهِ، وَلَا يُجْبَرُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى أَخْذِ قَرْضِهِ هُنَاكَ إِذَا بُذِلَ لَهُ إِلَّا فِيمَا لَا مَؤُنَةَ لِحَمْلِهِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَعَ أَمْنِ الْبَلَدِ وَالطَّرِيقِ وَبَدَلُ الْمَغْصُوبِ التَّالِفِ كَذَلِكَ.
مَسَائِلُ: الْأُولَى: إِذَا أَقْرَضَ غَرِيمَهُ الْمُعْسِرَ، أَوِ الْمُفْلِسَ أَلْفًا لِيُوَفِّيَهُ مِنْهُ وَمِنْ دَيْنِهِ الْأَوَّلِ كُلَّ وَقْتٍ شَيْئًا جَازَ. نَقَلَهُ مُهَنَّا. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُكْرَهُ.
الثَّانِيَةُ: إِذَا أَقْرَضَ أَكَّارَهُ مَا يَشْتَرِي بِهِ بَقَرًا يَعْمَلُ بِهَا فِي أَرْضِهِ وَبَذْرًا يَبْذُرُهُ فِيهَا، وَقَالَ أَقْرِضْنِي أَلْفًا وَادْفَعْ إِلَيَّ أَرْضَكَ أزرعها بالثلث بِلَا شَرْطٍ حَرُمَ، وَجَوَّزَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " وَكَرِهَهُ فِي " التَّرْغِيبِ "، وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَذْرِهِ، وَأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ كَالْمُعْتَادِ فَفَاسِدٌ لَهُ قِيمَةُ الْمِثْلِ، وَلَوْ تَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا أَقْرَضَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ بُرٌّ مَا يَشْتَرِيهِ بِهِ يُوَفِّيَهُ إِيَّاهُ فَكَرِهَهُ سُفْيَانُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَفِي " الْمُغْنِي " يَجُوزُ.
الرَّابِعَةُ: إِذَا قَالَ: اقْتَرِضْ لِي مِائَةً وَلَكَ عَشَرَةٌ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَذَلَهُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute