للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهَيْنِ وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ إِلَّا عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ إِذَا شَرَطَا كَوْنَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْأَخْضَرَ (مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْبَيْعِ إِنَّمَا كَانَ لِعَدَمِ الْأَمْنِ مِنَ الْعَاهَةِ وَلِهَذَا أُمِرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا وَبِتَقْدِيرِ تَلَفِهَا لَا يَفُوتُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ مِنَ الدَّيْنِ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ فَمَتَى حَلَّ الْحَقُّ بِيعَ، وَإِنِ اخْتَارَ الْمُرْتَهِنُ تَأْخِيرَ بَيْعِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ كَالْبَيْعِ فَعَلَيْهِ إِنْ رَهَنَهَا مَعَ الْأَصْلِ فَقَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.

مُلْحَقٌ: تُسْتَثْنَى الْجَارِيَةُ دُونَ وَلَدِهَا وَبِالْعَكْسِ وَيُبَاعَانِ، فَلَوْ رُهِنَتِ الْأُمُّ بِمُفْرَدِهَا قُوِّمَتْ دُونَهُ، ثُمَّ مَعَهُ فَمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا فَهُوَ قِيمَتُهُ.

وَقِيلَ: تُقَوَّمُ ذَاتَ وَلَدٍ وَيُقَوَّمُ هُوَ مَعَهَا إِذَا عَلِمَ بِهِ الْمُرْتَهِنُ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ وَقْتَ الرَّهْنِ، أَوْ حَمَلَتْ بِهِ فَهُوَ رَهْنٌ، وَلَوْ رَهَنَ الْوَارِثُ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ، أَوْ بَاعَهَا، وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، صَحَّ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَإِنْ رَهَنَ ثَمَرَةً إِلَى مَحِلٍّ يَحْدُثُ فِيهِ أُخْرَى لَا تَتَمَيَّزُ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ حِينَ حُلُولِ الْحَقِّ، وَإِنْ رَهَنَهَا بِدَيْنٍ حَالٍّ، أَوْ شَرَطَ قَطْعَهَا عِنْدَ خَوْفِ اخْتِلَاطِهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهَا حَتَّى اخْتَلَطَتْ لَمْ يَبْطُلِ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ صَحِيحًا، لَكِنْ إِنْ سَمَحَ الرَّاهِنُ بِبَيْعِ الْجَمِيعِ عَلَى قَدْرِ ثَمَنِهِ جَازَ، وَإِنِ اخْتَلَفَا وَتَشَاحَّا قُدِّمَ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ (وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ) مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِذَلِكَ، وَلَوْ شَرَطَاهُ فِي يَدِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَدَ لَهُ عَلَى مُسْلِمٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ إِذَا أَسْلَمَ (إِلَّا عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ إِذَا شَرَطَا كَوْنَهُ فِي يَدِ مُسْلِمٍ) عَدْلٍ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ فَجَازَ رَهْنُهُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَيَبِيعُهُ الْحَاكِمُ إِذَا امْتَنَعَ مَالِكُهُ.

قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّهْنِ يَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَأَطْلَقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>