للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُرْتَهِنُ بِاخْتِيَارِهِ إِلَى الرَّاهِنِ زَالَ لُزُومُهُ، فَإِنْ رَدَّهُ إِلَيْهِ عَادَ اللُّزُومُ، وَلَوْ رَهَنَهُ عَصِيرًا فَتُخَمَّرَ زَالَ لُزُومُهُ، فَإِنْ تَخَلَّلَ عَادَ لُزُومُهُ بِحُكْمِ الْعَقْدِ السَّابِقِ، وَعَنْهُ:

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

اللُّزُومِ، وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهِ فَفِي الِاسْتِدَامَةِ كَذَلِكَ. قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "، لَكِنْ لَوْ أَجَّرَهُ، أَوْ أَعَارَهُ لِمُرْتَهِنٍ، أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَلُزُومُهُ بَاقٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: يَزُولُ، نَصَرَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ فَعَلَيْهَا يَعُودُ بِمُضِيِّ إِجَارَةٍ وَإِعَارَةٍ مِنْ مُرْتَهِنٍ (فَإِنْ أَخْرَجَهُ الْمُرْتَهِنُ بِاخْتِيَارِهِ إِلَى الرَّاهِنِ زَالَ لُزُومُهُ) ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْقَبْضِ شَرْطٌ فِي اللُّزُومِ، وَقَدْ زَالَتْ، إِذِ الْمَشْرُوطُ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ نِيَابَةً عَنْهُ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْفُرُوعِ " وَبَقِيَ الْعَقْدُ كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ قَبْضٌ سَوَاءٌ أَخْرَجَهُ بِإِجَارَةٍ، أَوْ إِعَارَةٍ، أَوْ إِيدَاعٍ وَنَحْوِهِ وَقَوْلُهُ: بِاخْتِيَارِهِ يَحْتَرِزُ بِهِ عَمَّا لَوْ أَخْرَجَهُ لَا بِاخْتِيَارِهِ كَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُزِيلُ اللُّزُومَ، لِأَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ حُكْمًا (فَإِنْ رَدَّهُ إِلَيْهِ) أَيْ: إِلَى الْمُرْتَهِنِ (عَادَ اللُّزُومُ) ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْبَضَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَزِمَ بِهِ كَالْأَوَّلِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ السَّابِقَ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ مَا يُبْطِلُهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَاخَى الْقَبْضُ عَنِ الْعَقْدِ (وَلَوْ رَهَنَهُ عَصِيرًا فَتُخَمَّرَ زَالَ لُزُومُهُ) ، لِأَنَّ تَخْمِيرَهُ بمنزلة إخراجه مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يدل لِمُسْلِمٍ عَلَى خَمْرٍ؛ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ خَمْرًا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ فَلَأَنْ يُخْرِجَهُ عَنِ اللُّزُومِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَتَجِبُ إِرَاقَتُهُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ أُرِيقَ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ فِي يَدِهِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ (فَإِنْ تَخَلَّلَ عَادَ لُزُومُهُ بِحُكْمِ الْعَقْدِ السَّابِقِ) ، كَمَا لَوْ زَالَتْ يَدُ الْمُرْتَهِنِ عَنْهُ، ثُمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ، فَلَوِ اسْتَحَالَ خَمْرًا قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ، وَلَمْ يَعُدْ بِعُودِهِ خَلًّا؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ ضَعِيفٌ لِعَدَمِ الْقَبْضِ أَشْبَهَ إِسْلَامَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ إِذَا اسْتَحَالَ خَمْرًا بَعْدَ الْقَبْضِ أَنَّهُ يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِيهِ، ثُمَّ إِذَا عَادَ خَلًّا عَادَ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ مَرْهُونًا بِالْعَقْدِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ مِلْكًا بِحُكْمِ الْمِلْكِ الْأَوَّلِ، فَيَعُودُ حُكْمُ الرَّهْنِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْيَدَ لَمْ تَزَلْ عَنْهُ حُكْمًا بِدَلِيلِ مَا لَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ غَاصِبٌ، فَتَخَلَّلَ فِي يَدِهِ كَانَ مِلْكًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>