وَلَهُ رَدُّهُ إِلَيْهِمَا، وَلَا يَمْلِكُ رَدُّهُ إِلَى أَحَدِهِمَا، فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ رَدُّهُ إِلَى يَدِهِ، وإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ حَقَّ الْآخَرِ، فَإِنْ أَذِنَا لَهُ فِي الْبَيْعِ لَمْ يَبِعْ إِلَّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَعِدُوهُمَا (إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ حَالُهُ) بِفِسْقٍ، أَوْ ضَعْفِهِ عَنِ الْحِفْظِ، أَوْ عَدَاوَةٍ فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ نَقَلُهُ عَنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّ فِي مَقَامِهِ فِي يَدِهِ ضَرَرًا عَلَى الطَّالِبِ فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى شَخْصٍ بِصِفَاتِهِ جَازَ، فَإِنِ اخْتَلَفَا وَضَعَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدْلٍ، فَلَوِ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِ حَالِهِ بَحَثَ الْحَاكِمُ وَعَمَلَ بِمَا ظَهَرَ لَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَتَغَيَّرَ حَالُهُ فَلِلرَّاهِنِ رَفْعُ الْأَمْرِ إِلَى الْحَاكِمِ لِيَضَعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ، فَإِنْ مَاتَ هُوَ، أَوِ الْعَدْلُ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِمَا إِمْسَاكُهُ إِلَّا بِرِضَاهُمَا (وَلَهُ) أَيْ: لِلْعَدْلِ (رَدُّهُ إِلَيْهِمَا) ، وَعَلَيْهِمَا قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مَقْطُوعٌ بِالْحِفْظِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ الْمَقَامُ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ، فَإِنِ امْتَنَعَا أَجْبَرَهُمَا الْحَاكِمُ وَيُنَصِّبُ أَمِينًا يَقْبِضُهُ لَهُمَا إِذَا تَغَيَّبَا؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى الْمُمْتَنِعِ مِنَ الْحَقِّ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا دَفَعَهُ إِلَى أَمِينٍ مِنْ غَيْرِ امْتِنَاعِهِمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ، صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَهُ الْعَدْلُ عِنْدَ آخَرَ مَعَ وُجُودِهِمَا، فَإِنِ امْتَنَعَا، وَلَمْ يَجِدْ حَاكِمًا فَتَرَكَهُ عِنْدَ عَدْلٍ لَمْ يَضْمَنْ، فَإِنِ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا: لَمْ يَكُنْ لَهُ دَفْعُهُ إِلَى الْآخَرِ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَدْلَ يُمْسِكُهُ لَهُمَا، وَأَحَدُهُمَا يُمْسِكُهُ لِنَفْسِهِ هَذَا إِذَا كَانَا حَاضِرَيْنِ، فَإِنْ كَانَا غَائِبَيْنِ نَظَرْتَ، فَإِنْ كَانَ لِلْعَدْلِ عُذْرٌ رَفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ يَقْبِضُهُ مِنْهُ، أَوْ نَصَّبَ عَدْلًا يَقْبِضُهُ لَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا أَوْدَعَهُ ثِقَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، وَالْغَيْبَةُ بَعِيدَةٌ قَبَضَهُ الْحَاكِمُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَثِقَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً فَكَالْحَاضِرَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا فَكَالْغَائِبَيْنِ (وَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُ إِلَى أَحَدِهِمَا) ؛ لِأَنَّ لِلْآخَرِ حَظًّا فِي إِمْسَاكِهِ فِي يَدِهِ، وَفِي رَدِّهِ إِلَى أَحَدِهِمَا تَضْيِيعٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا، وَالْآخَرُ مُسَافِرًا، صَرَّحَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ "، وَغَيْرِهِ (فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ رَدُّهُ إِلَى يَدِهِ) أَيْ: إِلَى يَدِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ عَوْدًا لِلْحَقِّ إِلَى مُسْتَحَقِّهِ (وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ حَقَّ الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ مَا اسْتَحَقَّهُ بِعَقْدِ الرَّهْنِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ (فَإِنْ أَذِنَا لَهُ) أَيْ: لِلْعَدْلِ (فِي الْبَيْعِ لَمْ يَبِعْ إِلَّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ) ؛ لِأَنَّ الْحَظَّ فِي ذَلِكَ لِلرَّوَاجِ فِيهِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِ نَقُودٌ بَاعَ بِجِنْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute