وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَبِيعَهُ عِنْدَ الْحُلُولِ، وإِنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ، وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَهُ، لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَفِي صِحَّةِ الرَّهْنِ رِوَايَتَانِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَمَا لَوْ شَرَطَ صِفَةً فِيهِ (وَإِنْ عَزَلَهُمَا، صَحَّ عَزْلُهُ) فِي الْمَنْصُوصِ كَسَائِرِ الْوِكَالَاتِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يُتَوَجَّهُ لَنَا أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ، فَإِنَّ أَحْمَدَ مَنَعَ الْحِيلَةَ، وَهَذَا يَفْتَحُ بَابَ الْحِيلَةِ لِلرَّاهِنِ، فَإِنَّهُ يَشْرُطُ ذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ فَيُجِيبُهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَعْزِلُهُ، وَلِأَنَّ وِكَالَتَهُ صَارَتْ مِنْ حُقُوقِ الرَّهْنِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ إِسْقَاطُهُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ جَوَازَهُ، كَمَا لَوْ شَرَطَ الرَّهْنَ فِي الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ لَازِمًا.
(وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَبِيعَهُ عِنْدَ الْحُلُولِ) أَيْ: حُلُولُ الْحَقِّ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ. وَمِثْلُهُ إِذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُسْتَوْفَي الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ لَا يُبَاعَ مَا خِيفَ تَلَفُهُ، أَوْ يَبِيعُ الرَّهْنَ بِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ، أَوْ لَا يَبِيعُهُ إِلَّا بِمَا يُرْضِيهِ، أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلرَّاهِنِ، أَوْ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَقْدُ لَازِمًا فِي حَقِّهِ، أَوْ بِوَقْتِ الرَّهْنِ (وَإِنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ، وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَهُ) أَيْ: بِالدَّيْنِ، أَوْ فَهُوَ مَبِيعٌ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْكَ (لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ مَا مَعْنَى: لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ؛ قَالَ: لَا يَدْفَعُ رَهْنًا إِلَى رَجُلٍ، وَيَقُولُ: إِنْ جِئْتُكَ بِالدَّرَاهِمِ إِلَى كَذَا، وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَكَ؛ وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ الْبَيْعَ عَلَى شَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مَبِيعًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُوَفِّيَهُ الْحَقَّ فِي مَحَلِّهِ، وَالْبَيْعُ الْمُعَلَّقُ بِشَرْطٍ لَا يَصِحُّ (وَفِي صِحَّةِ الرَّهْنِ رِوَايَتَانِ) مَبْنِيَّتَانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْبَيْعِ. قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، وَغَيْرِهِ إِحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَنَصَرَهُ؛ لِأَنَّهُ رَهَنَ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ فَأَفْسَدَهُ، كَمَا لَوْ شَرَطَ تَوْفِيتَهُ. وَالثَّانِيَةُ: لَا، نَصَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي " رُؤُوسِ الْمَسَائِلِ " وَاسْتَدَلَّ بِالْخَبَرِ فَنَفَى غَلْقَ الرَّهْنِ دُونَ أَصْلِهِ، فَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ شَرْطًا فَاسِدًا، وَلَمْ يَحْكُمْ بِفَسَادِهِ، وَقِيلَ: مَا يَنْقُصُ بِفَسَادِهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ يُبْطِلُهُ وَجْهًا وَاحِدًا وَمَا لَا فَوَجْهَانِ، وَقِيلَ: إِنْ شَرَطَ رَهْنًا مُوَقَّتًا، أَوْ شَرَطَهُ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا، فَسَدَ الرَّهْنُ وَهَلْ يَفْسُدُ بِسَائِرِهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ، وَحَكَى فِي " الْمُغْنِي ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute