مُتَحَرِّيًا لِلْعَدْلِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى الرَّهْنِ بِغَيْرِ إِذْنِ الرَّاهِنِ مَعَ إِمْكَانِهِ فَهُوَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلِأَنَّهُ مِلْكُ غَيْرِهِ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ كَغَيْرِ الرَّهْنِ، وَالْأُولَى أَصَحُّ ويدخل فِي الْمَحْلُوبِ مَا إِذَا كَانَتْ أُمُّهُ مُرْضِعَةً، فَلَهُ أَنْ يَسْتَرْضِعَهَا بقدر نفقتها، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ حَمْدَانَ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُنْفِقَ مَعَ تَعَذُّرِ النَّفَقَةِ مِنَ الرَّاهِنِ لِغَيْبَةٍ، أَوِ امْتِنَاعٍ، أَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ، أَوِ اسْتِئْذَانِهِ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ ".
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: مَعَ غَيْبَةِ رَبِّهِ، زَادَ ابْنُ حَمْدَانَ، أَوِ امْتِنَاعِهِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْحَيَوَانُ غَيْرُ الْمَرْكُوبِ، وَالْمَحْلُوبِ كَالْعَبْدِ، وَالْأَمَةِ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَيَسْتَخْدِمَهُ بِقَدْرِهَا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَصْرًا لِلنَّصِّ عَلَى مَوْرِدِهِ، وَالثَّانِيَةُ: بَلَى لِفَهْمِ الْعِلَّةِ، وَهُوَ ذَهَابُ الْمَنْفَعَةِ.
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يُسْتَخْدَمُ الْعَبْدُ، وَفِي " الْكَافِي " إِنَّهُ قَدْ خَالَفَ الْجَمَاعَةَ، وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ قَرْضٍ، فَإِنْ كَانَ قَرْضًا لَمْ يَجُزْ، نَصَّ عَلَيْهِ حِذَارًا مِنْ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً.
الْقِسْمُ الثَّانِي: غير ذلك وَهُوَ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إِلَى مُؤْنَةٍ كَالدَّارِ، وَالْمَتَاعِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ نَمَاءَ الرَّهْنِ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَهُ، نَعَمْ إِنْ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي الِانْتِفَاعِ، وَلَمْ يَكُنِ الدَّيْنُ عَنْ قَرْضٍ جَازَ لِوُجُودِ طِيبِ النَّفْسِ.
(وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى الرَّهْنِ) أَيِ الْحَيَوَانِ (بِغَيْرِ إِذَنِ الرَّاهِنِ مَعَ إِمْكَانِهِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ) أَيْ: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ.
صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِعِوَضِهِ كَالصَّدَقَةِ عَلَى مِسْكِينٍ، أَوْ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ حَيْثُ لَمْ يَسْتَأْذِنِ الْمَالِكَ، إِذِ الرُّجُوعُ فِيهِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ فَافْتَقَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute