الْأَمْرَيْنِ مِمَّا قَضَى، أَوْ قُدِّرَ الدَّيْنُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَضْمُونُ لَهُ الْقَضَاءَ وَحَلِفَ لَمْ يَرْجِعِ الضَّامِنُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ، سَوَاءٌ صَدَّقَهُ أَوْ كَذَّبَهُ، وَإِنِ اعْتَرَفَ بِالْقَضَاءِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِأَمْرِهِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَدَّى دَيْنَهُ بِأَمْرِهِ فَرَجَعَ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا، وَعَنْهُ: لَا رُجُوعَ فِيهِمَا، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَظْهَرُ فِيهَا كَذَبْحِ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ بِلَا إِذْنِهِ فِي مَنْعِ الضَّمَانِ وَالرُّجُوعِ، لِأَنَّ الْقَضَاءَ هُنَا إِبْرَاءٌ لِتَحْصِيلِهِ الْإِجْزَاءَ بِالذَّبْحِ وَحَيْثُ قِيلَ بِهِ (فَلَهُ الرُّجُوعُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا قَضَى، أَوْ قَدْرِ الدَّيْنِ) ، لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْأَقَلُّ الدَّيْنَ لِزَائِدٍ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِأَدَائِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ أَقَلَّ إِنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ وَلِهَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ غَرِيمُهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، فَإِنْ دَفَعَ عَنِ الدَّيْنِ عَرَضًا رَجَعَ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ، أَوْ قَدْرِ الدَّيْنِ.
فَرْعٌ: لَوْ تَغَيَّبَ مَضْمُونٌ عَنْهُ قَادِرٌ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَأَطْلَقَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَأُمْسِكَ الضَّامِنُ وَغَرِمَ شَيْئًا بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَأَنْفَقَهُ فِي حَبْسٍ، رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا كَانَ عَلَى رَجُلَيْنِ مِائَةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهَا وَهُمَا مُتَضَامِنَانِ، فَضَمِنَ آخَرُ عَنْ أَحَدِهِمَا الْمِائَةَ بِأَمْرِهِ وَقَضَاهَا سَقَطَ الْحَقُّ عَنِ الْجَمِيعِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الَّذِي ضَمِنَ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ عَنْهُ، وَلَا أُذِنَ لَهُ فِي الْقَضَاءِ، فَإِذَا رَجَعَ عَلَى الَّذِي ضَمِنَ عَنْهُ رَجَعَ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِهَا إِنْ كَانَ ضَمِنَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ، لِأَنَّهُ ضَمِنَهَا عَنْهُ بِإِذْنِهِ وَقَضَاهَا ضَامِنُهُ، وَالثَّانِيَةُ: لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ بِالْمِائَةِ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لَهُ عَلَى مَنْ أَدَّاهَا عَنْهُ فَمَلَكَ الرُّجُوعَ بِهَا عَلَيْهِ كَالْأَصِيلِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ ".
(وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَضْمُونُ لَهُ الْقَضَاءَ) أَيْ: إِذَا ادَّعَى الضَّامِنُ أَنَّهُ قَضَى الدَّيْنَ، وَأَنْكَرَ الْمَضْمُونُ لَهُ، وَلَا بَيِّنَةَ (وَحَلَفَ، لَمْ يَرْجِعِ الضَّامِنُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ) ، لِأَنَّهُ مَا أَذِنَ لِلضَّامِنِ إِلَّا فِي قَضَاءٍ مُبَرِّئٍ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَحِينَئِذٍ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَضْمُونِ لَهُ، لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَلَهُ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ، وَالْأَصِيلِ (سَوَاءٌ صَدَّقَهُ) الْمَضْمُونُ عَنْهُ (أَوْ كَذَّبَهُ) ، لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنَ الرُّجُوعِ تَفْرِيطُ الضَّامِنِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ قَضَى بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَذَلِكَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ التَّصْدِيقِ، وَالتَّكْذِيبِ، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute