للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَفَلَ بِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ إِنْسَانٍ، أَوْ عُضْوٍ، أَوْ كَفَلَ بِإِنْسَانٍ عَلَى أَنَّهُ إِنْ جَاءَ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَفِيلٌ بِآخَرَ، أَوْ ضَامِنٌ مَا عَلَيْهِ، صَحَّ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.

وَلَا تَصِحُّ إِلَّا بِرِضَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مَبْنَاهُ عَلَى الْإِسْقَاطِ، وَالدَّرْءِ بِالشُّبْهَةِ، فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الِاسْتِيثَاقُ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ الْجَانِي، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَقًّا لِلَّهِ كَحَدِّ الزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ، أَوْ لِآدَمِيٍّ كَحَدِّ الْقَذْفِ (أَوْ قِصَاصٍ) ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَلَيْهِ حَدٌّ.

قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": إِلَّا لِأَخْذِ مَالٍ كَالدِّيَةِ وَغَرِمَ مَالِيَّةَ السَّرِقَةِ فَتَصِحُّ (وَلَا بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَحَدِ هَذَيْنِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فِي الْحَالِ، وَلَا فِي الْمَآلِ، وَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ بِخِلَافِ ضَمَانِ الْمَجْهُولِ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالزَّوْجَةِ، أَوِ الشَّاهِدِ.

(وَإِنْ كَفَلَ بِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ إِنْسَانٍ، أَوْ عُضْوٍ، أَوْ كَفَلَ بِإِنْسَانٍ عَلَى أَنَّهُ إِنْ جَاءَ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَفِيلٌ بِآخَرَ، أَوْ ضَامِنٌ مَا عَلَيْهِ، صَحَّ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) ، وَفِيهِ مَسَائِلُ:

الْأُولَى: إِذَا كَفَلَ بِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ إِنْسَانٍ كَثُلُثِهِ، أَوْ رُبُعِهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِحْضَارُ ذَلِكَ إِلَّا بِإِحْضَارِ الْكُلِّ.

الثَّانِيَةُ: إِذَا كَفَلَ عُضْوًا مُعَيَّنًا مِنْهُ كَيَدِهِ، أَوْ رِجْلِهِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إِحْضَارُهُ عَلَى صِفَتِهِ إِلَّا بِإِحْضَارِ الْكُلِّ، وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ فِيهِمَا، لِأَنَّ تَسْلِيمَ ذَلِكَ وَحْدَهُ مُتَعَذِّرٌ، وَالسِّرَايَةُ مُمْتَنِعَةٌ.

قَالَ الْقَاضِي: لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَعْضِ الْبَدَنِ بِحَالٍ، لِأَنَّ مَا لَا يُشْرَى لَا يَصِحُّ إِذَا خَصَّ بِهِ عُضْوًا كَالْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ التَّعْلِيلِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْجُزْءِ الشَّائِعِ، لِأَنَّ بَيْعَ ذَلِكَ وَإِجَارَتَهُ جَائِزَةٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُمَا خَصَّاهُ بِالْعُضْوِ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ فِي الْعُضْوِ بَيْنَ الْوَجْهِ، وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا لَا يَبْقَى الْبَدَنُ بِدُونِهِ كَالرَّأْسِ أَوْ لَا كَالْيَدِ، وَجَزَمَ فِي " الْكَافِي "، وَ " الشَّرْحِ " أَنَّهَا تَصِحُّ بِالْوَجْهِ، لِأَنَّهُ يُكَنَّى بِهِ عَنِ الْكُلِّ، فَصَحَّ كَبَدَنِهِ، وَجَزَمَ فِي " الْوَجِيزِ " بِأَنَّهَا تَصِحُّ فِيمَا تَبْقَى الْحَيَاةُ بِدُونِهِ لَا الْعَكْسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>