للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: أَحَلْتُكَ قَالَ: بَلْ وَكَّلْتَنِي، أَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ قَالَ: بَلْ أَحَلْتَنِي. فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ، وإن اتفقا عَلَى أَنَّهُ قَالَ: أَحَلْتُكَ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا الْوَكَالَةُ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ وَجْهَانِ، وَإِنْ قَالَ: أَحَلْتُكَ بِدَيْنِكَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْحَوَالَةِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ) مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّهُ يَدَّعِي بَقَاءَ الْحَقِّ عَلَى مَا كَانَ وَيُنْكِرُ انْتِقَالَهُ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ بِهَا، لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي اللَّفْظِ، وَهُوَ مَا يُمْكِنُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (وإن اتفقا عَلَى أَنَّهُ قَالَ: أَحَلْتُكَ) ، أَوْ أَحَلْتُكَ بِدَيْنِي (وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا الْوَكَالَةُ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، فَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ وَجْهَانِ) كَذَا فِي " الْكَافِي "، وَ " الْفُرُوعِ " أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَذْهَبُ يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَقِّ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَالْمُحْتَالُ يَدَّعِي نَقْلَهُ، وَالْمُحِيلُ يُنْكِرُهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وَالثَّانِي: يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ لِمُوَافَقَةِ دَعْوَاهُ الْحَقِيقَةَ وَدَعْوَى خَصْمِهِ الْمَجَازَ فَعَلَيْهِ يَحْلِفُ الْمُحْتَالُ وَيَثْبُتُ حَقُّهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَيَسْتَحِقُّ مُطَالَبَتَهُ وَيَسْقُطُ عَنِ الْمُحِيلِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَحْلِفُ الْمُحِيلُ وَيَبْقَى حَقُّهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِمَا إِنْ كَانَ الْمُحْتَالُ قَبَضَ الْحَوَالَةَ مِنَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَتَلَفَ فِي يَدِهِ، فَقَدْ بَرِئَ كُلُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ فَوَجْهَانِ (وَإِنْ قَالَ: أَحَلْتُكَ بِدَيْنِكَ) بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ اخْتَلَفَا (فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ وَجْهًا وَاحِدًا) ، وَكَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِدَيْنِهِ لَا تَحْتَمِلُ الْوَكَالَةَ، فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ مُدَّعِيهَا.

تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: الْحَوَالَةُ عَلَى مَالِهِ مِنَ الدُّيُونِ إِذْنٌ فِي الِاسْتِيفَاءِ فَقَطْ وَلِلْمُحْتَالِ الرُّجُوعُ وَمُطَالَبَةُ مُحِيلِهِ، وَإِحَالَةُ مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى مَنْ دَيْنُهُ عَلَيْهِ وَكَالَةٌ، وَمَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِي مِثْلِهِ وَكَالَةٌ فِي اقْتِرَاضٍ، وَكَذَا مَدِينٌ عَلَى بَرِيءٍ، فَلَا يُصَارِفُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي " الْوجيزِ "، وَ " التَّبْصِرَةِ " إِنْ رَضِيَ الْبَرِيءُ بِالْحَوَالَةِ صَارَ ضَامِنًا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ، ذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>