للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُؤَجَّلِ بِبَعْضِهِ حَالًّا، لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ وَضَعَ بَعْضَ الْمَالِ وَأَجَّلَ بَاقِيَهُ دُونَ التَّأْجِيلِ، وَإِنْ صَالَحَ عَنِ الْحَقِّ بِأَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ مِثْلَ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ دِيَةِ الْخَطَأِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَمْلِكُونَهُ لِمَا قُلْنَا وَيَصِحُّ عَمَّا ادَّعَى عَلَى مُوَلِّيهِ وَبِهِ بَيِّنَةٌ، وَقِيلَ: أَوْ لَا.

(وَلَوْ صَالَحَ عَنِ الْمُؤَجَّلِ بِبَعْضِهِ حَالًّا لَمْ يَصِحَّ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، لِأَنَّهُ يَبْذُلُ الْقَدْرَ الَّذِي يَحُطُّهُ عِوَضًا عَنْ تَعْجِيلِ مَا فِي ذِمَّتِهِ وَمَعَ الْحُلُولِ، وَالتَّأْجِيلِ لَا يَجُوزُ، كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ عَشَرَةً حَالَّةً بِعِشْرِينَ مُؤَجَّلَةٍ، وَفِي الْإِرْشَادِ، وَ " الْمُبْهِجِ " رِوَايَةٌ بِالصِّحَّةِ، وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ هُنَا، وَكَدَيْنِ الْكِتَابَةِ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ.

وَقَالَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ رِبًا، فَدَلَّ أَنَّهُ إِنَّمَا جَوَّزَهُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، وَالْأَشْهُرُ عَكْسُهُ.

(وَإِنْ وَضَعَ بَعْضَ الْحَالِّ وَأَجَّلَ بَاقِيَهُ) ، كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ مِائَةٍ حَالَّةٍ بِخَمْسِينَ مُؤَجَّلَةٍ (صَحَّ الْإِسْقَاطُ) ، لِأَنَّهُ أَسْقَطَهُ عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ صِحَّتِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مُقَابِلِهِ تَأْجِيلٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ أَسْقَطَهُ كُلَّهُ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ، وَصَحَّحَهَا أَبُو الْخَطَّابِ، لِأَنَّهُ هَضْمٌ لِلْحَقِّ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (دُونَ التَّأْجِيلِ) عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الْحَالَّ لَا يَتَأَجَّلُ، وَلِأَنَّهُ وَعْدٌ، وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ مِائَةٍ صِحَاحٍ بِخَمْسِينَ مُكَسَّرَةٍ هَلْ هُوَ إِبْرَاءٌ مِنَ الْخَمْسِينَ وَوَعْدٌ فِي الْأُخْرَى؛ قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ " (وَإِنْ صَالَحَ عَنِ الْحَقِّ بِأَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ مِثْلَ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ دِيَةِ الْخَطَأِ، أَوْ عَنْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ بِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ جِنْسِهَا لَمْ يَصِحَّ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَأَنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ، لِأَنَّ الدِّيَةَ وَالْقِيمَةَ تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِقَدْرِهِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا بِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ جِنْسِهَا كَالثَّابِتَةِ عَنْ قَرْضٍ، إِذِ الزَّائِدُ لَا مُقَابِلَ لَهُ فَيَكُونَ حَرَامًا، لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَكَالْمِثْلِيِّ، وَقَيَّدَ فِي " الْفُرُوعِ "، وَغَيْرِهِ الْمُتْلَفَ بِكَوْنِهِ غَيْرَ مِثْلِيٍّ وَيُخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ تَأْجِيلُ الْقِيمَةِ. قَالَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ، وَفِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " رِوَايَةٌ بِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُصَالِحَ عَنِ الْمِائَةِ الثَّابِتَةِ بِالتَّلَفِ بِمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ، لِأَنَّهُ عَاوَضَ عَنِ الْمُتْلَفِ بِمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ فَجَازَ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ إِيَّاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>