للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجَعَتْ بِأَرْشِهِ لَا بِمَهْرِهَا، وَإِنْ صَالَحَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِشَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ، لَمْ يَجُزِ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ، لِأَنَّهُ بِيعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَنِ الْمَجْهُولِ بِمَعْلُومٍ إِذَا كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ لِلْحَاجَةِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَعُوفِيَ لَا شَيْءَ لَهَا، لِأَنَّ زَوَالَ الْعَيْبِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ حَالَ الْعَقْدِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْأَرْشِ لَا يُقَالُ: قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُصَرَّاةِ أَنَّهُ إِذَا صَارَ لَبَنُهَا عَادَةً وَطُلِّقَتِ الْمُزَوَّجَةُ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ، فَإِذَا زَالَ الْعَيْبُ تَعَيَّنَ أَنْ لَا أَرْشَ، لِأَنَّ الرَّدَّ فَسْخٌ لِلْمِلْكِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ فَيَسْتَدْعِي مَرْدُودًا بِخِلَافِ الْأَرْشِ، فَإِنَّهُ عِوَضٌ عَمَّا فَاتَ مِنَ الْعَيْبِ، فَلَمْ يَسْقُطْ وَقْتَ الْعَقْدِ بِزَوَالِهِ بَعْدَهُ (وَإِنْ صَالَحَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِشَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَجُزِ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ، لِأَنَّهُ بِيعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ) ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا، وَلِأَنَّهُ إِذَا حَصَلَ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْعِوَضَيْنِ دَيْنًا، لِأَنَّ مَحَلَّهُ الذِّمَّةُ (وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَنِ الْمَجْهُولِ) عَيْنًا كَانَ، أَوْ دَيْنًا سَوَاءٌ جَهِلَاهُ، أَوْ جَهِلَهُ مِنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ (بِمَعْلُومٍ) ، نَصَّ عَلَيْهِ بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ بِشَرْطٍ (إِذَا كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ) أَيْ: يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ.

قَالَ أَحْمَدُ فِي الرَّجُلِ يُصَالِحُ عَنِ الشَّيْءِ: فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يُوقِفَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا لَا يدري «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِرَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي مَوَارِيثَ دَرَسَتْ بَيْنَهُمَا: اسْتَهِمَا وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ وَلْيَحْلِلْ أَحَدُكُمَا صَاحِبَهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُ إِسْقَاطُ حَقٍّ، فَصَحَّ فِي الْمَجْهُولِ كَالْعِتَاقِ، وَالطَّلَاقِ (لِلْحَاجَةِ) ، وَلِأَنَّهُ إِذَا صَالَحَ مَعَ الْعِلْمِ وَإِمْكَانِ أَدَاءِ الْحَقِّ بِعَيْنِهِ فَلَأَنْ يَصِحَّ مَعَ الْجَهْلِ أَوْلَى، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ جَوَازِهِ لَأَفْضَى إِلَى ضَيَاعِ الْحَقِّ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ فَرْعُ الْبَيْعِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ فِي الْمَجْهُولِ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَأَسَاسَاتِ الْحَائِطِ وَطَيِّ الْبِئْرِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الصُّلْحُ بِمَجْهُولٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ وَاجِبٌ، وَالْجَهَالَةَ تَمْنَعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ عِلْمُهُ فَكَبَرَاءَةٍ مِنْ مَجْهُولٍ، وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي " الْإِرْشَادِ " وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَ " الشَّرْحِ " لِعَدَمِ الْحَاجَةِ.

قَالَ أَحْمَدُ: إِنْ صُولِحَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ ثَمَنِهَا لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ شُرَيْحٍ، وَلِأَنَّ الْمُبِيحَ لِلصُّلْحِ الْحَاجَةُ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا، فَلَمْ يَصِحَّ كَالْبَيْعِ وَخَرَّجَ فِي " التَّعْلِيقِ "، وَ " الِانْتِصَارِ " فِي صُلْحِ الْمَجْهُولِ، وَالْإِنْكَارِ مِنَ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْمَجْهُولِ عَدَمَ الصِّحَّةِ وَخَرَّجَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>