للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّلْحِ، وَإِنْ كَانَ شِقْصًا مَشْفُوعًا ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَيَكُونُ إِبْرَاءً فِي حَقِّ الْآخَرِ، فَلَا يُرَدُّ مَا صَالَحَ عَنْهُ بِعَيْبٍ، وَلَا تُؤْخَذُ بِهِ شُفْعَةٌ، وَمَتَى كَانَ أَحَدُهُمَا عَالِمًا بِكَذِبِ نَفْسِهِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ فِي حَقِّهِ، وَمَا أَخَذَهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ صَالَحَ عَنِ الْمُنْكِرِ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إِذْنِهِ صَحَّ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ صَالَحَ الْأَجْنَبِيُّ لِنَفْسِهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

خِلَافٌ (وَيَكُونُ إِبْرَاءً فِي حَقِّ الْآخَرِ) أَيِ: الْمُنْكِرِ، لِأَنَّهُ دَفَعَ الْمَالَ افْتِدَاءً لِيَمِينِهِ وَإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْهُ لَا عِوَضًا عَنْ حَقٍّ يَعْتَقِدُهُ (فَلَا يُرَدُّ مَا صَالَحَ عَنْهُ بِعَيْبٍ، وَلَا تُؤْخَذُ بِهِ شُفْعَةٌ) لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِعِوَضٍ.

أَصْلٌ: لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفُ لِحُلُولِ الْمَأْخُوذِ، وَلَا تَأْجِيلِهِ.

وَلَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الْإِرْشَادِ أَنَّهُ يَصِحُّ بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ، لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُلْجَأٌ إِلَى التَّأْخِيرِ بِتَأْخِيرِ خَصْمِهِ.

قَالَ فِي " التَّرْغِيبِ ": وَظَاهِرُهُ لَا تَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ إِلَّا فِيمَا يَخْتَصُّ الْبَائِعَ مِنْ شُفْعَةٍ عَلَيْهِ وَأَخْذِ زِيَادَةٍ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ.

وَاقْتَصَرَ الْمَجْدُ عَلَى قَوْلِ أَحْمَدَ إِذَا صَالَحَهُ عَلَى بَعْضِ حَقِّهِ بِتَأْخِيرٍ جَازَ.

(وَمَتَّى كَانَ أَحَدُهُمَا عَالِمًا بِكَذِبِ نَفْسِهِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ فِي حَقِّهِ) ، لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِالْحَقِّ قَادِرٌ عَلَى إِيصَالِهِ إِلَى مستحقه غير مُعْتَقِدٍ أَنَّهُ مُحِقٌّ (وَمَا أَخَذَهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ) ، لِأَنَّهُ أَكْلٌ لِلْمَالِ بِدَعْوَاهُ الْبَاطِلَةِ الْكَاذِبَةِ، وَلَا يَشْهَدُ لَهُ إِنْ عَلِمَ ظُلْمَهُ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ (وَإِنْ صَالَحَ عَنِ الْمُنْكِرِ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، صَحَّ) ، لِأَنَّهُ قَصَدَ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَضَى دَيْنَهُ، اعْتَرَفَ لِلْمُدَّعِي بِصِحَّةٍ دَعَوَاهُ، أَوْ لَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعي دَيْنًا، أَوْ عَيْنًا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الدَّيْنِ، لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ جَائِزٌ مُطْلَقًا لِقَضِيَّةِ أَبِي قَتَادَةَ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَفِي الْعَيْنِ إِذَا لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْمُنْكِرَ وَكَّلَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ، وَ " الْوَجِيزِ " افْتِدَاءً لِيَمِينِهِ وَقَطْعًا لِلْخُصُومَةِ. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ إِذْنِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ وَكَيْلُهُ. فَلَوْ قَالَ: صَالِحْنِي عَنِ الْمِلْكِ الَّذِي تَدَّعِيهِ فَفِي كَوْنِهِ مُقِرًّا لَهُ وَجْهَانِ (وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ) ، لِأَنَّهُ أَدَّى عَنْهُ مَا لَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ، وَالثَّانِي: يَرْجِعُ كَالضَّمَانِ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ، وَهُمَا إِذَا نَوَى الرُّجُوعَ، وَخَرَّجَهُ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إِذَا قَضَى دَيْنَهُ الثَّابِتَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَفِي هَذَا التَّخْرِيجِ نَظَرٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>