يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَالزِّيَادَةُ لِلْمُفْلِسِ، وَعَنْهُ: لِلْبَائِعِ، وَإِنْ صَبَغَ الثَّوْبَ، أَوْ قَصَّرَهُ لَمْ يَمْنَعِ الرُّجُوعَ، وَالزِّيَادَةَ لِلْمُفْلِسِ، وَإِنْ غَرَسَ أَوْ بَنَى فِيهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ وَدَفْعُ قِيمَةِ الْغِرَاسِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِذَهَابِ صِفَةٍ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ، فَلَا يَمْنَعُ، لِأَنَّ فَقْدَ الصِّفَةِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ عَيْنَ مَالِهِ، لَكِنْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ نَاقِصًا بِجَمِيعِ حَقِّهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَضْرِبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِكَمَالِ ثَمَنِهِ، لِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَتَقَسَّطُ عَلَى صِفَةِ السِّلْعَةِ مِنْ سِمَنٍ وَهُزَالٍ، وَعِلْمٍ وَنَحْوِهِ، فَيَصِيرُ كَنَقْصِهِ لِتَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ.
(وَإِنْ صَبَغَ الثَّوْبَ، أَوْ قَصَّرَهُ) أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ بِزَيْتٍ (لَمْ يَمْنَعِ الرُّجُوعَ) ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، لِأَنَّ الْعَيْنَ قَائِمَةٌ مُشَاهَدَةٌ لَمْ يَتَغَيَّرِ اسْمُهَا، وَلَا صِفَتُهَا (وَالزِّيَادَةُ لِلْمُفْلِسِ) ، لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِفِعْلِهِ فِي مِلْكِهِ فَيَكُونُ شَرِيكًا لِلْبَائِعِ بِمَا زَادَ عَنْ قِيمَةِ الثَّوْبِ، وَالسَّوِيقِ، وَإِنْ حَصَلَ نَقْصٌ، فَعَلَى الْمُفْلِسِ، لَكِنْ إِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهما فَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ أَخْذِهِمَا نَاقِصَيْنِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَيْنَ تَرْكِهِمَا، وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ هَذَا نَقْصُ صِفَتِهِ فَهُوَ كَالْهُزَالِ، وَقِيلَ: لَا رُجُوعَ إِنْ زَادَتِ الْقِيمَةُ، لِأَنَّهُ اتَّصَلَ بِالْمَبِيعِ زِيَادَةٌ لِلْمُفْلِسِ فَمَنَعَتِ الرُّجُوعَ كَالسِّمَنِ. وَحَاصِلُهُ إِذَا قَصَّرَ الثَّوْبَ لَمْ يَخْلُ مِنْ حَالَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا تَزِيدَ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ، وَالثَّانِي: أَنْ تَزِيدَ قِيمَتُهُ بِهِ فَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ، لِأَنَّهُ زَادَ زِيَادَةً لَا تَتَمَيَّزُ فَهِيَ كَالسِّمَنِ.
وَقَالَ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ: لَهُ الرُّجُوعُ، لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَتِ الْقِصَارَةُ بِفِعْلِ الْمُفْلِسِ، أَوْ بِأُجْرَةٍ وَفَّاهَا فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الثَّوْبِ، فَإِنِ اخْتَارَ الْبَائِعُ دَفْعَ قِيمَةِ الزِّيَادَةِ إِلَى الْمُفْلِسِ لَزِمَهُ قَبُولُهَا، لِأَنَّهُ يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ دَفَعَ الشَّفِيعُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ بَيْعَ الثَّوْبِ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ حَقِّهِ، فَلَوْ كَانَ قِيمَةُ الثَّوْبِ خَمْسَةً فَصَارَ يُسَاوِي سِتَّةً فَلِلْمُفْلِسِ سُدُسُهُ وَلِلْبَائِعِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْ صَانِعٍ لَمْ يَسْتَوْفِ أَجْرَهُ فَلَهُ حَبْسُ الثَّوْبِ عَلَى اسْتِيفَاءِ أُجْرَتِهِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الشَّرْحِ ".
(وَإِنْ غَرَسَ) الْمُفْلِسُ الْأَرْضَ (أَوْ بَنَى فِيهَا فَلَهُ) أَيْ: لِلْبَائِعِ (الرُّجُوعُ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ قَبْلَ قَلْعِ غَرْسٍ، أَوْ بِنَاءٍ، لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ وَمَالُ الْمُشْتَرِي دَخَلَ عَلَى وَجْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute