للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغُرَمَاءِ عَلَى قَدْرِ دُيُونِهِمْ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لَمْ يَحِلَّ، وَعَنْهُ: يَحِلُّ وَيُشَارِكُهُمْ، وَمَنْ مَاتَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لَمْ يَحِلَّ إِذَا وَثَّقَ الْوَرَثَةُ، وَعَنْهُ: يَحِلُّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِذِمَّةِ الْمُفْلِسِ (عَلَى قَدْرِ دُيُونِهِمْ) ، لِأَنَّ فِيهِ تَسْوِيَةً بَيْنَهُمْ وَمُرَاعَاةً لِكَمِّيَّةِ حُقُوقِهِمْ، فَلَوْ قَضَى الْحَاكِمُ، أَوِ الْمُفْلِسُ بَعْضَهُمْ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُمْ شُرَكَاؤُهُ، فَلَمْ يَجُزِ اخْتِصَاصُهُ دُونَهُمْ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ بَيَانُ أَنْ لَا غَرِيمَ سِوَاهُمْ بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ، ذَكَرَهُ فِي " التَّرْغِيبِ "، وَ " الْفُصُولِ "، وَغَيْرِهِمَا لِئَلَّا يَأْخُذَ أَحَدُهُمْ مَا لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لَمْ يَحِلَّ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ وَحَكَاهُ الْقَاضِي رِوَايَةً وَاحِدَةً، لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِلْمُفْلِسِ، فَلَا يَسْقُطُ بِفَلَسِهِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ حُلُولَ مَا لَهُ، فَلَا يُوجِبُ حُلُولَ مَا عَلَيْهِ كَالْإِغْمَاءِ (وَعَنْهُ: يَحِلُّ) حَكَاهَا أَبُو الْخَطَّابِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ رَبِّهِ، وَلِأَنَّ الْإِفْلَاسَ يَتَعَلَّقُ بِهِ الدَّيْنُ بِالْمَالِ فَأَسْقَطَ الْأَجَلَ كَالْمَوْتِ (وَيُشَارِكُهُمْ) كَبَقِيَّةِ الدُّيُونِ الْحَالَّةِ، وَعَنْهُ: إِنْ وُثِّقَ لَمْ يَحِلَّ لِزَوَالِ الضَّرَرِ وَالْأَجَلِ. نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَقِيَاسُهُمْ عَلَى الْمَوْتِ مَرْدُودٌ بِالْمَنْعِ، ثُمَّ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ يُفَرَّقُ، فَإِنَّ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ خَرِبَتْ، بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ، فَعَلَى هَذَا لَا يُوقَفُ لَهُ شَيْءٌ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ إِذَا حَلَّ. نَعَمْ إِذَا حَلَّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ شَارَكَهُمْ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ قِسْمَةِ الْبَعْضِ شَارَكَهُمْ فِي الْبَاقِي بِجَمِيعِ دَيْنِهِ وَيَضْرِبُ بَاقِي الْغُرَمَاءِ بِبَقِيَّةِ دُيُونِهِمْ.

(وَمَنْ مَاتَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لَمْ يَحِلَّ) هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ (إِذَا وَثَّقَ الْوَرَثَةُ) بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ التَّرِكَةِ، أَوِ الدَّيْنِ بِكَفِيلٍ مَلِيءٍ، أَوْ رَهْنٍ، لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَوُرِّثَ عَنْهُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحِلُّ إِذَا لَمْ يُوَثِّقُوا عَلَى الْأَشْهَرِ، جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ لَغَلَبَةِ الضَّرَرِ (وَعَنْهُ: يَحِلُّ) ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ، أَوِ الْوَرَثَةِ، أَوْ مُتَعَلِّقٍ بِالْمَالِ، فَالْأَوَّلُ مُنْتَفٍ لِخَرَابِهَا وَتَعَذُّرِ مُطَالَبَتِهِ، وَالثَّانِي كَذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا الدَّيْنَ، وَلَا رَضِيَ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِذِمَمِهِمْ وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ مُتَبَايِنَةٌ، وَالثَّالِثُ مَمْنُوعٌ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ عَلَى الْأَعْيَانِ وَتَأْجِيلُهُ، لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَى الْمَيِّتِ، لِأَنَّ ذِمَّتَهُ مُرْتَهَنَةٌ بِدَيْنِهِ، وَعَلَى صَاحِبِ الْمَالِ لِتَأَخُّرِ حَقِّهِ، وَقَدْ يَسْقُطُ لِتَلَفِ الْعَيْنِ، وَعَلَى الْوَرَثَةِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَنْتَفِعُونَ بِالْأَعْيَانِ، وَلَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبِلَهُ رَبُّهُ، وَعَنْهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>