للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْبُلُوغُ يَحْصُلُ بِالِاحْتِلَامِ، أَوْ بُلُوغِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، أَوْ نَبَاتِ الشَّعْرِ الْخَشِنِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَحِفْظًا لِمَالِهِ، فَإِذَا صَارَ أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ زَالَ الْحَجْرُ لِزَوَالِ سَبَبِهِ (وَلَا يَنْفَكُّ قَبْلَ ذَلِكَ بِحَالٍ) ، وَلَوْ صَارَ شَيْخًا، وَرَوَى الْجَوْزَجَانِيُّ فِي الْمُتَرْجَمِ.

قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَلِي أَمْرَ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ ذِي أَهْلٍ وَمَالٍ لِضَعْف عقله، وَلِأَنَّ الْمَجْنُونَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِجُنُونِهِ، فَوَجَبَ اسْتِمْرَارُهُ عَلَيْهِ، وَالصَّبِيَّ عَلَّقَ اللَّهُ تَعَالَى الدَّفْعَ إِلَيْهِ بِشَرْطَيْنِ، وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ بِهِمَا مُنْتَفٍ بِانْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَأَكْثَرَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَالْعِرَاقِ – ومصر يرون الْحَجْرَ عَلَى كُلِّ مُضَيِّعٍ لِمَالِهِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا.

فَرْعٌ: إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ مَالٌ، وَهُوَ يُقَتِّرُ عَلَى نَفْسِهِ وَيُضَيِّقُ عَلَى عِيَالِهِ وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ تَنَاوُلِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَتَنَاوَلُهَا أَدْنَى النَّاسِ فَيَحْجُرُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُنَصِّبُ لَهُ وَلِيًّا يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَعَلَى عِيَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ.

(وَالْبُلُوغُ يَحْصُلُ بِالِاحْتِلَامِ) ، وَهُوَ خُرُوجُ الْمَنِيِّ مِنَ الْقُبُلِ بِغَيْرِ خِلَافٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: ٥٩] وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ» .

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْفَرَائِضَ، وَالْأَحْكَامَ تَجِبُ عَلَى الْمُحْتَلِمِ الْعَاقِلِ (أَوْ بُلُوغِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً) أَيِ: اسْتِكْمَالِهَا لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ: «عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ: «فَاسْتَصْغَرَنِي وَرَدَّنِي مَعَ الْغِلْمَانِ» ، فَإِنْ قُلْتَ: بَيْنَ أُحُدٍ، وَالْخَنْدَقِ سَنَتَانِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ عَرْضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ كَانَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَيَوْمَ الْخَنْدَقِ عِنْدَ اسْتِكْمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. لَا يُقَالُ: إِجَازَتُهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ لِقُوَّتِهِ لَا لِبُلُوغِهِ، لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ مَعَ أَنَّ رِوَايَةَ الْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، " وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ " رَافِعَةٌ لِلسُّؤَالِ، يُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>