للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْزَمُهُ عِوَضٌ إِذَا أَيْسَرَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ فِي النَّاظِرِ فِي الْوَقْفِ وَمَتَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ٦] ، وَلِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي فَقِيرٌ، وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ وَلِي يَتِيمٌ فَقَالَ: كُلْ مِنْ مَالِ يَتِيمِكَ غَيْرَ مُسْرِفٍ» . رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ، وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ مَرْفُوعًا: مَعْنَاهُ، وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِعَمَلِهِ فَتَقَيَّدَ بِقَدْرِهِ، وَالْمَذْهَبُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْجَمَاعَةُ أَنَّ لَهُ الْأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْل، أَوْ قَدْرَ كِفَايَتِهِ، لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالْعَمَلِ، وَالْحَاجَةِ جَمِيعًا، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ إِلَّا مَا وَجَدَ فِيهِ، وَفِي الْإِيضَاحِ إِذَا قَدَّرَهُ حَاكِمٌ، وَقَيَّدَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَ " الْوَجِيزِ ": إِنْ شَغَلَهُ ذَلِكَ عَنْ كسب مَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ.

قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: يَأْكُلُ فَقِيرٌ، وَمَنْ يَمْنَعُهُ مِنْ مَعَاشِهِ بِمَعْرُوفٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ تَنَاوُلُ شَيْءٍ مَعَ غِنَاهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: ٦] ، وَعَنْهُ: بَلَى، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ كَالْعَمَلِ فِي الزَّكَاةِ وَحَمَلَ الْآيَةَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مُطْلَقًا (وَهَلْ يَلْزَمُهُ عِوَضُهُ إِذَا أَيْسَرَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ " الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ جُعِلَ عِوَضًا لَهُ عَنْ عَمَلِهِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ عِوَضُهُ كَالْأَجِيرِ، وَالْمُضَارِبِ، وَلِأَنَّهُ يُقَالُ أَمَرَ بِالْأَكْلِ، وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا، وَالثَّانِيَةُ: بَلَى، وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، لِأَنَّهُ اسْتِبَاحَةٌ بِالْحَاجَةِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ، فَلَزِمَهُ عِوَضُهُ كَالْمُضْطَرِّ إِلَى طَعَامِ غَيْرِهِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّ الْعِوَضَ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْأَبِ. قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " وَإِذَا قُلْنَا بِرَدِّ الْبَدَلِ فَيَتَوَجَّهُ بِرَدِّهِ إِلَى الْحَاكِمِ، لِأَنَّهُ لَا يُبَرِّئُ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ (وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ فِي النَّاظِرِ فِي الْوَقْفِ) إِذَا لَمْ يَشْرِطْ لَهُ شَيْئًا، وَهَذَا التَّخْرِيجُ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَغَيْرُهُ، لِأَنَّهُ يُسَاوِي الْوَصِيَّ مَعْنًى وَحُكْمًا.

وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي النَّاظِرِ أَنَّهُ يَأْكُلُ بِمَعْرُوفٍ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا. قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ، وَعَنْهُ: أَيْضًا إِذَا اشْتَرَطَ، قِيلَ لَهُ: فَيَقْضِي دَيْنَهُ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>