ذَلِكَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ، وَلَا يَنْفَكُّ عَنْهُمَا الْحَجْرُ إِلَّا فِيمَا أُذِنَ لَهُمَا فِيهِ، وَفِي النَّوْعِ الَّذِي أُمِرَا بِهِ وَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ، وَلَا يَتَوَكَّلَ لِغَيْرِهِ وَهَلْ لَهُ أَنْ يُوَكَّلَ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلُهُ بِنَفْسِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ رَآهُ سَيِّدُهُ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِلَا إِذْنٍ لَمْ يَصِحَّ، وَقِيلَ: بَلَى وَيَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَبَنَاهُمَا فِي " الشَّرْحِ " عَلَى تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ (وَيَجُوزُ ذَلِكَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إِنَّمَا كَانَ لِحَقِّ السَّيِّدِ فَجَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ بِإِذْنِهِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ.
(وَلَا يَنْفَكُّ عَنْهُمَا الْحَجْرُ إِلَّا فِيمَا أُذِنَ لَهُمَا فِيهِ، وَفِي النَّوْعِ الَّذِي أُمِرَا بِهِ) ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَتَصَرَّفُ بِالْإِذْنِ مِنْ جِهَةِ آدَمِيٍّ، فَوَجَبَ أَنْ يَخْتَصَّ بِمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَأَمَرَهُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ، وَالْمُضَارِبِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " رِوَايَةٌ: إِنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي نَوْعٍ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ غَيْرِهِ مَلَكَهُ أَيْ: جَازَ أَنْ يَتَّجِرَ فِي غَيْرِهِ وَيَنْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ مُطْلَقًا، لِأَنَّ إِطْلَاقَ الْإِذْنِ لَا يَتَبَعَّضُ كَبُلُوغِ الصَّبِيِّ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِمَا إِذَا أَذِنَ لَهُ فِي شِرَاءِ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ وَنَحْوِهِ، وَالرِّقُّ سَبَبُ الْحَجْرِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَمُضَارِبٍ فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً، وَغَيْرِهِ، وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِاثْنَيْنِ فَأَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ، لِأَنَّهُ يَقَعُ بِمَجْمُوعِهِ.
(وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ، وَلَا يَتَوَكَّلَ لِغَيْرِهِ) ، لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَا يَمْلِكُهُ إِلَّا بِإِذْنٍ كَبَيْعِ نَفْسِهِ وَتَزْوِيجِهِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَشْغَلُهُ عَنِ التِّجَارَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالْإِذْنِ، وَفِي إِيجَارِ عَبِيدِهِ وَبَهَائِمِهِ خِلَافٌ فِي " الِانْتِصَارِ "، وَفِي صِحَّةِ شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ وَامْرَأَتِهِ وَزَوْجِ رَبَّةِ الْمَالِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: صِحَّتُهُ، وَعَلَيْهِ إِنْ صَحَّ وَعَلَيْهِ دِينٌ فَقِيلَ: يُعْتَقُ.
وَقِيلَ: يُبَاعُ فِيهِ. وَمِثْلُهُ مُضَارِبٌ، وَالْأَشْهَرُ يَصِحُّ كَمَنْ نَذَرَ عِتْقَهُ وَشِرَاءَهُ مِنْ حَلِفٍ لَا يَمْلِكُهُ (وَهَلْ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلُهُ بِنَفْسِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِالْإِذْنِ فَاخْتُصَّ بِمَا أُذِنَ فِيهِ، وَالثَّانِي: بَلَى، لِأَنَّهُ مَلَكَ التَّصَرُّفَ بِنَفْسِهِ فَمَلَكَهُ بِنَائِبِهِ كَالْمَالِكِ الرَّشِيدِ، وَلِأَنَّهُ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ (وَإِنْ رَآهُ سَيِّدُهُ، أَوْ وَلِيُّهُ يَتَّجِرُ، فَلَمْ يَنْهَهُ لَمْ يَصِرْ مَأْذُونًا لَهُ) كَتَزْوِيجِهِ وَبَيْعِهِ مَالَهُ، لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ يَفْتَقِرُ إِلَى الْإِذْنِ، فَلَمْ يَقُمِ السُّكُوتُ مَقَامَهُ، كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا فِي الرَّهْنِ، وَالْآخَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute