وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ نَسَاءً، وَلَا بغَيِّرَ نَقْدَ الْبَلَدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ كَالْمُضَارِبِ، وَإِنْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ بِأَنْقَصَ مِمَّا قَدَّرَهُ لَهُ، صَحَّ وَيَضْمَنُ النَّقْصَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِنَفْسِهِ وَأَطْلَقَ انْصَرَفَ إِلَى الْحُلُولِ وَنَقْدِ الْبَلَدِ، فَكَذَا وَكَيْلُهُ، فَلَوْ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِنَفْعٍ وَغَرَضٍ، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّ عَقْدَ الْوَكَالَةِ لَمْ يَقْتَضِهِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي " الْمُوجَزِ " وَكَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ بَلَحٍ فِي الصَّيْفِ وَفَحْمٍ فِي الشِّتَاءِ فَخَالَفَ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَمَحَلُّهُ فِي الْفَحْمِ فِي غَيْرِ تِجَارَةٍ، فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ بَاعَ بِأَغْلَبِهِمَا، فَإِنْ تَسَاوَيَا خُيِّرَ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ) هَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ لِقَوْلِهِ: بِعْ كَيْفَ شِئْتَ (كَالْمُضَارِبِ) عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْمُضَارَبَةِ الرِّبْحُ، وَهُوَ فِي النَّسَاءِ أَكْثَرُ، وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ فِي الْوَكَالَةِ بَلْ رُبَّمَا كَانَ الْمَقْصُودُ تَحْصِيلَ الثمن لدفع حَاجَتِهِ فَتَفُوتُ بِتَأْخِيرِ الثَّمَنِ، وَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الثَّمَنِ فِي الْمُضَارَبَةِ عَلَى الْمُضَارِبِ، فَيَعُودُ الضَّرَرُ عَلَيْهِ، وَاسْتِيفَاءُ الثَّمَنِ فِي الْوَكَالَةِ عَلَى الْمُوَكِّلِ، فَيَعُودُ ضَرَرُ الطَّلَبِ عَلَيْهِ، وَهُوَ لَمْ يَرْضَ بِهِ، وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ مَعَ الْإِطْلَاقِ، فَلَوْ عَيَّنَ لَهُ شَيْئًا تَعَيَّنَ، وَلَمْ يَجُزْ مُخَالَفَتُهُ، لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِإِذْنِهِ.
فَائِدَةٌ: إِذَا ادَّعَيَا الْإِذْنَ فِي ذَلِكَ قُبِلَ قَوْلُهُمَا، وَقِيلَ: قَوْلُ الْمَالِكِ.
(وَإِنْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ بِأَنْقَصَ مِمَّا قَدَّرَهُ لَهُ، صَحَّ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا، لِأَنَّ مَنْ صَحَّ بَيْعُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، صَحَّ بِدُونِهِ كَالْمَرِيضِ (وَيَضْمَنُ) الْوَكِيلُ (النَّقْصَ) ، لِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ حَظِّ الْمُشْتَرِي بِعَدَمِ الْفَسْخِ، وَحَظِّ الْبَائِعِ بِوُجُوبِ التَّضْمِينِ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ، فَلَا يُعْتَبَرُ حَظُّهُ، لِأَنَّهُ مُفْرِّطٌ، وَفِي قَدْرِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: مَا بَيْنَ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَمَا بَاعَهُ، وَالثَّانِي: مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ، وَمَا لَا يَتَغَابَنُونَ، لِأَنَّ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ عَادَةً كَدِرْهَمٍ فِي عَشَرَةٍ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ بِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، فَلَوْ حَضَرَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَهُ بِهِ، لِأَنَّ عَلَيْهِ طَلَبَ الْحَظِّ لِمُوَكِّلِهِ، فَلَوْ بَاعَ بِهِ ثُمَّ حَضَرَ مَنْ يَزِيدُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَمْ يَلْزَمْهُ فَسْخُ الْعَقْدِ عَلَى الْأَشْهَرِ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ) هَذَا رِوَايَةٌ عَنْهُ، وَصَحَّحَهَا فِي " الْمُغْنِي "، وَذَكَرَ فِي " الشَّرْحِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute