دِينَارًا، أَوِ اشْتَرَى لَهُ شَاةً تُسَاوِي دِينَارًا بِأَقَلَّ مِنْهُ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ لَهُ شِرَاءُ مَعِيبٍ، فَإِنْ وَجَدَ بِمَا اشْتَرَى عَيْبًا فَلَهُ الرَّدُّ فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: مُوَكِّلُكَ قَدْ رَضِيَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
سُفْيَانَ عَنْ شَبِيبٍ هُوَ ابْنُ غَرْقَدَةَ سَمِعَ الْحَيَّ يُخْبِرُونَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْجَعْدِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَعَثَ مَعَهُ بِدِينَارٍ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ أُضْحِيَّةً، وَقَالَ مَرَّةً: أَوْ شَاةً فَاشْتَرَى لَهُ اثْنَتَيْنِ فَبَاعَ وَاحِدَةً بِدِينَارٍ وَأَتَاهُ بِالْأُخْرَى فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «هَذَا دِينَارُكُمْ، وَهَذِهِ شَاتُكُمْ قَالَ: كَيْفَ صَنَعْتَ؟ فَذَكَرَهُ» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي ضِمْنِ حَدِيثٍ مُتَّصِلٍ لِعُرْوَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا سُفْيَانُ، وَلِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَزِيَادَةٌ، وَفِي الْأَخِيرَةِ حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَزِيَادَةٌ، لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا، فَإِنَّ مَنْ رَضِيَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِدِينَارٍ يَرْضَى بِأَقَلَّ مِنْهُ، وَكَذَا إِذَا اشْتَرَى شَاتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا تُسَاوِي دِينَارًا، وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي " الْمُبْهِجِ " كَفُضُولِيٍّ، وَإِنْ أَبْقَى مَا يُسَاوِيهِ فَفِي بَيْعِ الْآخَرِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمُوَكِّلِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ، أَشْبَهَ بَيْعَ الشَّاتَيْنِ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: الْجَوَازُ، لِظَاهِرِ الْخَبَرِ (وَإِلَّا فَلَا) يَصِحُّ إِذَا كَانَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا تُسَاوِي أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْمَقْصُودُ، فَلَمْ يَقَعِ الْبَيْعُ لَهُ، لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ لَفْظًا، وَلَا عُرْفًا، وَكَذَا الشَّاةُ الْمُوَكَّلُ فِي شِرَائِهَا بِدِينَارٍ تُسَاوِي أَقَلَّ مِنْهُ لِمَا ذَكَرْنَا، وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " إِنْ سَاوَى كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ دِينَارٍ، صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ لَا لِلْوَكِيلِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدَةٍ لَا تُسَاوِي نِصْفَ دِينَارٍ فَرِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا: يَصِحُّ وَيَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ الْمُوَكِّلِ لِخَبَرِ عُرْوَةَ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مُعَيَّنٍ بِمِائَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِدُونِهَا جَازَ مَا لَمْ يَنْهَهُ عَنِ الشِّرَاءِ بِأَقَلَّ مِنْهَا لِمُخَالَفَةِ قَوْلِهِ وَنَصِّهِ، وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِهِ بِهَا، وَلَا تَشْتَرِهِ بِخَمْسِينَ جَازَ لَهُ شِرَاؤُهُ بِمَا فَوْقَ الْخَمْسِينَ، فَإِنِ اشْتَرَاهُ بِمَا دُونَ الْخَمْسِينَ جَازَ فِي وَجْهٍ وَمَنْ وَكَّلَ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَلَهُ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ، وَغَيْرِهِ.
(وَلَيْسَ لَهُ شِرَاءُ مَعِيبٍ) أَيْ: لَا يَجُوزُ لَهُ، لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ، وَلِذَلِكَ جَازَ لَهُ الرَّدُّ بِهِ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُعَيِّنْهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ، فَإِنْ فَعَلَ عَالِمًا بِعَيْبِهِ لَزِمَهُ إِنْ لَمْ يَرْضَهُ مُوَكِّلُهُ، وَلَمْ يَرُدَّهُ، وَكَذَا لَا يَرُدُّهُ الْمُوَكِّلُ وَحَكَاهُ فِي الْحَاشِيَةِ قَوْلًا، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنِ اشْتَرَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute