للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعَيَّنٍ فَاشْتَرَاهُ وَوَجَدَهُ مَعِيبًا، فَهَلْ لَهُ رَدُّهُ قَبْلَ إِعْلَامِ الْمُوَكِّلِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، فَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي بِعَيْنِ هَذَا الثَّمَنِ فَاشْتَرَى لَهُ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَلْزَمِ الْمُوَكِّلَ. فَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي فِي ذِمَّتِكَ، وَانْقد الثَّمَنَ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ، صَحَّ وَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ، وَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ فِي سُوقٍ بِثَمَنٍ فَبَاعَهُ بِهِ فِي آخَرَ صَحَّ، وَإِنْ قَالَ: بِعْهُ لِزَيْدٍ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ، لَمْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ حُكْمُهُ حُكْمُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنْ عَلِمَ عَيْبَهُ قَبْلَ شِرَائِهِ فَهَلْ لَهُ شِرَاؤُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى رَدِّهِ إِذَا عَلِمَ عَيْبَهُ بَعْدَ شِرَائِهِ، وَالْمُقَدَّمُ لَهُ شِرَاؤُهُ (فَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي بِعَيْنِ هَذَا الثَّمَنِ فَاشْتَرَى لَهُ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَلْزَمِ الْمُوَكِّلَ) ، لِأَنَّ الثَّمَنَ إِذَا تَعَيَّنَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ، أَوْ كَوْنِهِ مَغْصُوبًا، وَلَمْ يَلْزَمْهُ ثَمَنٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَهَذَا غَرَضٌ صَحِيحٌ لِلْمُوَكِّلِ، فَلَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ نَقَدَ الْمُعَيَّنَ وَيَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ وَهَلْ يَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ الْمُوَكِّلِ؟ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ (فَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي فِي ذِمَّتِكَ، وَانْقَدَ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ، صَحَّ وَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ) ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا، لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي عَقْدٍ يَلْزَمُهُ بِهِ الثَّمَنُ مَعَ بَقَاءِ الدَّرَاهِمِ وَتَلَفِهَا، فَكَانَ إِذْنًا فِي عَقْدٍ لَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ إِلَّا مَعَ بَقَائِهَا، وَقِيلَ: إِنْ رَضِيَ بِهِ، وَإِلَّا بَطَلَ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ لِشُبْهَةٍ فِيهَا، أَوْ يَخْتَارُ وُقُوعَ عَقْدٍ لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهَا، وَلَا تَبْطُلُ بِتَحْرِيمِهَا، فَلَمْ يَجُزْ مُخَالَفَةُ غَرَضِهِ لِصِحَّتِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ جَازَ، وَلَيْسَ لَهُ الْعَقْدُ مَعَ فَقِيرٍ، وَقَاطِعِ طَرِيقٍ إِلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ. نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ (وَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ فِي سُوقٍ بِثَمَنٍ فَبَاعَهُ بِهِ فِي آخَرَ، صَحَّ) ، لِأَنَّ الْقَصْدَ الْبَيْعُ بِمَا قَدَّرَهُ لَهُ، وَقَدْ حَصَلَ كَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا، هَذَا إِذَا كَانَ هُوَ وَغَيْرُهُ سَوَاءً، فَإِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ تَعَيَّنَ، كَمَا لَوْ كَانَ السُّوقُ مَعْرُوفًا بِجَوْدَةِ النَّقْدِ، أَوْ كَثْرَةِ الثَّمَنِ، أَوْ حِلِّهِ، أَوْ صَلَاحِ أَهْلِهِ (وَإِنْ قَالَ: بِعْهُ لِزَيْدٍ فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ، لَمْ يَصِحَّ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ نَفْعَهُ، فَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ، وَفِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِقَرِينَةٍ، أَوْ صَرِيحٍ أَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِي عَيْنِ الْمُشْتَرِي.

قَاعِدَةٌ: حُقُوقُ الْعَقْدِ وَهِيَ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ، وَقَبْضُ الْمَبِيعِ، وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَضَمَانُ الدَّرَكِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ، لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقُ قَرِيبُ وَكِيلٍ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْوَكِيلِ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى الْمُوَكِّلِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ قَبِلَ عَقْدًا لِغَيْرِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْتَقِلَ الْمِلْكُ إِلَيْهِ كَالْأَبِ، وَالْوَصِيِّ وَكَمَا لَوْ تَزَوَّجَ لَهُ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِمَا لَوْ وَكَّلَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا فِي شِرَاءِ خَمْرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>