للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْزَمُ الْوَكِيلَ نِصْفُ الصَّدَاقِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِجُعْلٍ وَبِغَيْرِهِ فَلَوْ قَالَ: بِعْ ثَوْبِي بِعِشَرَةٍ فَمَا زَادَ فَلَكَ، صَحَّ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَ " الشَّرْحِ "، وَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ طَلَاقُهَا فِي الْمَنْصُوصِ لِإِزَالَةِ الِاحْتِمَالِ، وَقِيلَ: لَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّهِ نِكَاحٌ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَرِثْهُ الْآخَرُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ صَدَاقُهَا فَتَرِثَهُ، وَهُوَ مُنْكِرٌ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، فَلَا يَرِثُهَا.

تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ إِذَا صَدَّقَ عَلَى الْوَكَالَةِ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ، وَكَذَا فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ وَكَّلَ فِيهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ أَمِينٌ قَادِرٌ عَلَى الْإِنْشَاءِ، وَهُوَ أَعْرَفُ، وَعَنْهُ: يُقْبَلُ قَوْلُ مُوَكِّلِهِ فِي النِّكَاحِ، لِأَنَّهُ لَا تَتَعَذَّرُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِهَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ كَأَصْلِ الْوَكَالَةِ.

(وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِجُعْلٍ) أَيْ: مَعْلُومٍ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كَانَ يَبْعَثُ عُمَّالَهُ لِقَبْضِ الصَّدَقَاتِ وَيَجْعَلُ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا» ، وَلِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لِغَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ، فَهُوَ كَرَدِّ الْآبِقِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ بِالْبَيْعِ مَثَلًا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " مَا لَمْ يَشْرِطْهُ عَلَيْهِ وَيَسْتَحِقُّهُ بِبَيْعِهِ نَسَاءً إِنْ صَحَّ، وَفِي " الْفُرُوعِ " هَلْ يَسْتَحِقُّهُ قَبْلَ تَسْلِيمِ ثَمَنِهِ؟ يَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ، فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مَجْهُولًا فَسَدَتْ، وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِالْإِذْنِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (وَبِغَيْرِهِ) أَيْ: بِغَيْرِ جُعْلٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَكَّلَ أُنَيْسًا فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ، وَعُرْوَةَ فِي الشِّرَاءِ بِغَيْرِ جُعْلٍ (فَلَوْ قَالَ: بِعْ ثَوْبِي بِعَشَرَةٍ فَمَا زَادَ فَلَكَ، صَحَّ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُ فِي عَصْرِهِ مُخَالِفًا، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَكَرِهَهُ الثَّوْرِيُّ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، لِأَنَّهُ أَجْرٌ مَجْهُولٌ يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا عَيْنٌ تَنْمِي بِالْعَمَلِ عَلَيْهَا فَهُوَ كَدَفْعِ مَالِهِ مُضَارَبَةً وَبِهِ عَلَّلَ أَحْمَدُ، فَعَلَى هَذَا إِنْ بَاعَهُ بِزِيَادَةٍ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ بَاعَهُ بِمَا عَيَّنَهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ الزِّيَادَةَ وَهِيَ مَعْدُومَةٌ فَهُوَ كَالْمُضَارِبِ إِذَا لَمْ يَرْبَحْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>