للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ اشْتَرَى سِلْعَةً لِلْمُضَارَبَةِ فَهِيَ لَهُ وَثَمَنُهَا عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُجِيزَهُ رَبُّ الْمَالِ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا، وَالثَّمَنُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. وَإِذَا ظَهَرَ الرِّبْحُ لَمْ يَكُنْ لِلْعَامِلِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ، وَهَلْ يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَرْعٌ: لَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ أَلْفَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ لَمْ يَخْلِطْهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيَتَوَجَّهْ جَوَازُهُ، وَإِنْ أَذِنَ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ فِي الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَدْ نَضَّ الْمَالُ جَازَ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْمَنْعِ (وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ ثُمَّ اشْتَرَى سِلْعَةً لِلْمُضَارَبَةِ فَهِيَ لَهُ وَثَمَنُهَا عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَيْسَتْ مِنَ الْمُضَارَبَةِ لِانْفِسَاخِهَا بِالتَّلَفِ، وَاخْتَصَّ بِهِ، وَلَوْ كَانَتْ لِلْمُضَارَبَةِ لَكَانَ مُسْتَدِينًا عَلَى غَيْرِهِ، وَالِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَا تَجُوزُ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِتَلَفِ الْمَالِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ جَهِلَهُ (إِلَّا أَنْ يُجِيزَهُ رَبُّ الْمَالِ) فَيَجُوزُ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لِلْعَامِلِ بِكُلِّ حَالٍ ; لِأَنَّ هَذَا زِيَادَةٌ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَلَمْ تَجُزْ (وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الشِّرَاءِ) قَبْلَ نَقْدِ ثَمَنِهَا (فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا) لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِفَسْخِهَا هُوَ التَّلَفُ، وَلَمْ يُوجَدْ حِينَ الشِّرَاءِ، وَلَا قَبْلَهُ (وَالثَّمَنُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ) لِأَنَّ الشِّرَاءَ صَادَفَ الْمُضَارَبَةَ بَاقِيَةً بِحَالِهَا، وَذَلِكَ يُوجِبُ كَوْنَ الْمُشْتَرَى لَهُ، وَالثَّمَنِ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَلِرَبِّ السِّلْعَةِ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْعَامِلِ وَيَصِيرُ رَأْسُ الْمَالِ الثَّمَنَ دُونَ التَّالِفِ ; لِأَنَّهُ تَلِفَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ.

مَسْأَلَةٌ: مَنْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَ الرِّبْحَ لِلْآخَرِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ تَلَفُهُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ، فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا، وَإِلَّا فَهِيَ فِي قَدْرِ ثَمَنِهَا.

(وَإِذَا ظَهَرَ الرِّبْحُ لَمْ يَكُنْ لِلْعَامِلِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ) لِأُمُورٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الرِّبْحَ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ فَلَا يَأْمَنُ الْخُسْرَانَ الَّذِي يَنْجَبِرُ بِالرِّبْحِ، الثَّانِي: أَنَّ رَبَّ الْمَالِ شَرِيكُهُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مُقَاسَمَةُ نَفْسِهِ، الثَّالِثُ: أَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ بِعَرَضِيَّةِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ يَدِهِ لِجُبْرَانِ خَسَارَةِ الْمَالِ (إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا، وَظَهَرَ مِنْهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ قِسْمَةُ الرِّبْحِ وَالْعَقْدُ بَاقٍ إِلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا (وَهَلْ يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَالْمَجْزُومُ بِهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ أَنَّهُ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْهُ بِظُهُورِهِ ; لِأَنَّ الشَّرْطَ صَحِيحٌ، فَيَثْبُتُ مُقْتَضَاهُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ جُزْءٌ مِنَ الرِّبْحِ، وَكَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>