للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَامِلِ إِنِ ادَّعَى أُجْرَةَ الْمِثْلِ. وَإِنْ قَالَ الْعَامِلُ: رَبِحْتُ أَلْفًا ثُمَّ خَسِرْتُهَا أَوْ هَلَكَتْ، قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ: غَلِطْتُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ، فَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ وَجْهٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي الْإِذْنِ فِي الْمِقْدَارِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ الْعَامِلِ، وَالْأَصْلُ يَنْفِي قَوْلَهُ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ لِوُجُودِ مُقْتَضَاهُ بِخِلَافِ الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ نَسَاءً، فَإِنَّ فِيهِ قَرِينَةً تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ الْعَامِلِ، فَعَارَضَتِ الْأَصْلَ إِذْ عَقْدُ الْمُضَارَبَةَ يَقْتَضِي الرِّبْحَ وَالنَّسَاءُ مَظِنَّتُهُ (وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَامِلِ إِنِ ادَّعَى أُجْرَةَ الْمِثْلِ) زَادَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " تَبَعًا لِابْنِ عَقِيلٍ: أَوْ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِدْقُهُ، فَلَوِ ادَّعَى أَكْثَرَ قُبِلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، كَالزَّوْجَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الصَّدَاقِ (وَإِنْ قَالَ الْعَامِلُ: رَبِحْتُ أَلْفًا ثُمَّ خَسِرْتُهَا أَوْ هَلَكَتْ، قُبِلَ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَالْوَكِيلِ الْمُتَبَرِّعِ (وَإِنْ قَالَ: غَلِطْتُ) أَوْ كَذَبْتُ، أَوْ نَسِيتُ (لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ مُقِرٌّ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ إِقْرَارِهِ كَدَعْوَاهُ اقْتِرَاضًا تُمِّمَ بِهِ رَأْسُ الْمَالِ بَعْدَ إِقْرَارِهِ بِهِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَعَنْهُ: يُقْبَلُ لِأَمَانَتِهِ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُدَ وَمُهَنَّا: إِذَا أَقَرَّ بِرِبْحٍ ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا كُنْتُ أُعْطِيكَ مِنْ رَأْسِ مَالِكَ، يُصَدَّقُ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يُقْبَلَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِلْغَلَطِ، فَإِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ قُبِلَ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى.

تَنْبِيهٌ: إِذَا دَفَعَ إِلَيْهِ مَبْلَغًا يَتَّجِرُ فِيهِ، فَرَبِحَ، فَقَالَ الْعَامِلُ: هُوَ قَرْضٌ رِبْحُهُ لِي، وَقَالَ الْمَالِكُ: هُوَ قِرَاضٌ رِبْحُهُ بَيْنَنَا، قُبِلَ قَوْلُ الْمَالِكِ ; لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، فَكَانَ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي صِفَةِ خُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ، فَإِذَا حَلَفَ قُسِمَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: يَتَحَالَفَانِ، وَلِلْعَامِلِ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا شُرِطَ لَهُ مِنَ الرِّبْحِ، أَوْ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً.

فَنَصُّ أَحْمَدَ أَنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ، وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْأَزَجِيِّ، وَقَدَّمَ فِي " الْفُرُوعِ " تَقَدُّمَ بَيِّنَةِ عَامِلٍ ; لِأَنَّهُ خَارِجٌ، وَقِيلَ عَكْسُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>