للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

نِصْفَيْنِ، فَيَجْعَلُ لِلْعَامِلِ الثُّلُثَيْنِ، فَيَصِيرُ السُّدْسُ حِصَّتَهُ فِي الْمُزَارَعَةِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: زَارَعْتُكَ عَلَى نَصِيبِي بِالثُّلُثِ فَصَحَّ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَالثَّانِي: لَا تَصِحُّ ; لِأَنَّ النِّصْفَ لِلْمُزَارِعِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُزَارِعَ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ، فَإِذَا فَسَدَ فِي نَصِيبِهِ، فَسَدَ فِي الْجَمِيعِ، كَمَا لَوْ جَمَعَ فِي الْبَيْعِ بَيْنَ مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ.

مَسَائِلُ: الْأُولَى: اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ، مِنْ أَحَدِهِمُ الْبَذْرُ، وَمِنَ الْآخَرِ الْأَرْضُ، وَمِنَ الثَّالِثِ الْعَمَلُ عَلَى أَنَّ مَا فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمْ فَهُوَ فَاسِدٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمُزَارَعَةِ أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ أَوِ الْعَامِلِ، وَلَيْسَتْ شَرِكَةً وَلَا إِجَارَةً، فَعَلَى هَذَا الزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَعَلَيْهِ لِصَاحِبَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِمَا، وَفِي الصِّحَّةِ تَخْرِيجٌ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوَايَةً وَاخْتَارَهُ.

وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ، فَإِنْ كَانَ الْبَقَرُ مِنْ رَابِعٍ، فَحَدِيثُ مُجَاهِدٍ وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ ; لِأَنَّهُ جَعَلَ فِيهِ الزَّرْعَ لِرَبِّ الْبَذْرِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ.

الثَّانِيَةُ: اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْضٍ لَهُمْ عَلَى أَنْ يَزْرَعُوهَا بِبَذْرِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ وَأَعْوَانِهِمْ عَلَى أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْهَا بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَا لَهُمْ، جَازَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.

الثَّالِثَةُ: مَا سَقَطَ مِنْ حَبٍّ وَقْتَ حَصَادٍ فَنَبَتَ عَامًا آخَرَ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي " الْمُبْهِجِ " وَجْهٌ لَهُمَا، وَفِي " الرِّعَايَةِ ": لِرَبِّ الْأَرْضِ مَالِكًا، أَوْ مُسْتَأْجِرًا، أَوْ مُسْتَعِيرًا، وَقِيلَ: لَهُ حُكْمُ عَارِيَةٍ، وَقِيلَ: غَصْبٍ، وَكَذَا نَصَّ فِيمَنْ بَاعَ فَصِيلًا فَحَصَدَ وَبَقِيَ يَسِيرٌ فَصَارَ سُنْبُلَا، فَلِرَبِّ الْأَرْضِ.

الرَّابِعَةُ: لَا خِلَافَ فِي إِبَاحَةِ مَا يَتْرُكُهُ الْحَصَادُ، وَكَذَا اللِّقَاطُ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " يَحْرُمُ مَنْعُهُ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُبَاحِ، وَنُقِلَ عَنْهُ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ مَزْرَعَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَقَالَ: لَمْ يَرَ بَأْسًا بِدُخُولِهِ يَأْخُذُ كَلًّا وَشَوْكًا لِإِبَاحَتِهِ ظَاهِرًا، وَعُرْفًا، وَعَادَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>