تَطَاوُلَهُ أَوْ عَطَشٍ يَخَافُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ رَقِيقِهِ أَوْ بَهِيمَتِهِ أَوْ خَشْيَةٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
زِيَادَتَهُ أَوْ تَطَاوُلَهُ) لِأَنَّ مَنْ لَا يَخْشَى ذَلِكَ لَا يَخَافُ الضَّرَرَ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ إِذَا خَافَ ذَهَابَ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، أَوْ ضَرَرًا عَلَى نَفْسِهِ مِنْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ، فَهُنَا أَوْلَى، وَلِأَنَّ تَرْكَ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَتَرْكَ الصَّوْمِ فِي الْمَرَضِ لَا يَنْحَصِرُ فِي خَوْفِ التَّلَفِ، فَكَذَا هُنَا، وَعَنْهُ: لَا يُبِيحُهُ إِلَّا خَوْفُ التَّلَفِ، كَمَا إِذَا جَبَرَ زَنْدَهُ بِعَظْمٍ نَجِسٍ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ مُقْتَضَى الْآيَةِ إِبَاحَتُهُ لِكُلِّ مَرِيضٍ تَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ فِيمَنْ لَا يَخْشَى، فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَاهَا.
(أَوْ عَطَشٍ يَخَافُهُ عَلَى نَفْسِهِ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعًا، وَسَنَدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ فِي السَّفَرِ فَتُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ، وَمَعَهُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَخَافُ أَنْ يَعْطَشَ: يَتَيَمَّمُ وَلَا يَغْتَسِلُ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلِأَنَّهُ يَخْشَى الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ أَشْبَهَ الْمَرِيضَ بَلْ أَوْلَى.
(أَوْ رَقِيقِهِ) الْمُحْتَرَمِ، لِأَنَّ حُرْمَةَ الْآدَمِيِّ تُقَدَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ رَأَى حَرِيقًا عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِهَا فَيَتْرُكُهَا، وَيَخْرُجُ لِإِنْقَاذِهِ، فَلَأَنْ يُقَدَّمَ عَلَى الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، قَالَ أَحْمَدُ: عِدَّةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ تَيَمَّمُوا، وَحَبَسُوا الْمَاءَ لِشِفَاهِهِمْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُزَامِلِ لَهُ، أَوْ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الرَّكْبِ، لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمُرَافَقَةِ، وَدَفْعُهُ إِلَى عَطْشَانَ يُخْشَى تَلَفُهُ وَاجِبٌ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَالْأَصْوَبُ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ: أَنَّهُمَا فِي حَبْسِ الْمَاءِ لِعَطَشِ الْغَيْرِ الْمُتَوَقَّعِ، وَاخْتَارَ الشَّرِيفُ، وَابْنُ عَقِيلٍ وُجُوبَهُ، فَإِنْ مَاتَ صَاحِبُهُ، وَرُفْقَتُهُ عِطَاشٌ يَمَّمُوهُ، وَغَرِمُوا لِلْوَرَثَةِ الثَّمَنَ وَقْتَ إِتْلَافِهِ فِي مَكَانِهِ، وَظَاهِرُ مَا فِي " النِّهَايَةِ " إِنْ غَرِمُوهُ فِيهِ فَبِمِثْلِهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْمَيِّتُ أَوْلَى بِهِ، لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَقِيلَ: إِنْ خَافُوا الْمَوْتَ فَهُمْ أَوْلَى، وَإِلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute