للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْقَضَتِ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ، وَإِنْ هَرَبَ الْجَمَّالُ أَوْ مَاتَ وَتَرَكَ الْجِمَالَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ مِنْ مَالِ الْجَمَّالِ أَوْ أَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، فَإِذَا انْقَضَتِ الْإِجَارَةُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ، فَلَزِمَهُ عِوَضُهُ كَالْمَبِيعِ إِذَا اسْتَوْفَى بَعْضَهُ وَمَنَعَهُ الْمَالِكُ بَقِيَّتَهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.

تَنْبِيهٌ: إِذَا أَبَى الْمُؤَجِّرُ تَسْلِيمَ مَا أَجَّرَهُ، أَوْ مَنَعَ مُسْتَأْجِرَهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ كُلَّ الْمُدَّةِ، فَلَهُ الْفَسْخُ وَجْهًا وَاحِدًا، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَقِيلَ: يَبْطُلُ الْعَقْدُ مَجَّانًا، وَكَذَا إِذَا اكْتَرَى عَبْدَهُ لِلْخِدْمَةِ مُدَّةً، وَامْتَنَعَ مِنْ تَمَامِهَا، أَوْ آجَرَ نَفْسَهُ لِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ خِيَاطَةٍ، وَامْتَنَعَ مِنْ إِتْمَامِ الْعَمَلِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.

(وَإِنْ هَرَبَ الْأَجِيرُ حَتَّى انْقَضَتِ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ) لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ يَفُوتُ بِانْقِضَائِهَا، أَشْبَهَ تَلَفَ الْعَيْنِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " ; لِأَنَّ الْمُدَّةَ إِذَا لَمْ تَنْقَضِ لَمْ يَفُتِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ شَيْءٌ، فَقَدْ فَاتَ بَعْضُهُ (وَإِنْ كَانَتْ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ) كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبِنَاءِ حَائِطٍ، أَوْ حَمْلٍ إِلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ اسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ مَنْ يَعْمَلُ الْعَمَلَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ (خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ) لِأَنَّهُ عَمَلٌ فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ لَهُ مُدَّةٌ يَفُوتُ بِفَوَاتِهَا، وَقِيلَ: يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي زَمَنِ الْهَرَبِ، وَقِيلَ: وَلَا قَبْلَهُ، وَحُكْمُ مَنْ آجَرَ نَفْسَهُ مُدَّةً وَهَرَبَ، أَوِ امْتَنَعَ مِنَ الْعَمَلِ كَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ آجَرَهُ دَابَّةً ثُمَّ شَرَدَتْ (وَإِنْ هَرَبَ الْجَمَّالُ أَوْ مَاتَ وَتَرَكَ الْجِمَالَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ مِنْ مَالِ الْجَمَّالِ) إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ; لِأَنَّ نَفَقَةَ الْحَيَوَانِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمَالِكِ وَهُوَ غَائِبٌ، وَالْحَاكِمُ نَائِبُهُ (أَوْ أَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهَا) مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ لِيَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ، وَلِأَنَّ إِقَامَةَ أَمِينٍ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ تَشُقُّ، وَتَتَعَذَّرُ مُبَاشَرَتُهُ كُلَّ وَقْتٍ، فَإِذَا رَجَعَ، وَاخْتَلَفَا فِي النَّفَقَةِ، فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ قَدَّرَهَا قُبِلَ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُقَدَّرَةٍ، وَكَانَتْ بِالْمَعْرُوفِ ; لِأَنَّهُ أَمِينٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا، أَوْ عَجَزَ عَنِ اسْتِئْذَانِهِ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، فَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ، وَأَشْهَدَ رَجَعَ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَوَجْهَانِ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَرْجِعُ قِيَاسًا عَلَى نَفَقَةِ الْآبِقِ، وَعِيَالِ الْغَائِبِ، قَالَهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>