للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَعَدَّ، وَإِذَا حَبَسَ الصَّانِعُ الثَّوْبَ عَلَى أُجْرَتِهِ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ، وَإِنْ تَلِفَ الثَّوْبُ بَعْدَ عَمَلِهِ خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ تَضْمِينِهِ إِيَّاهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ إِيَّاهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَلَوْ جَاءَ بِجِلْدِ شَاةٍ، وَقَالَ: هَذَا جِلْدُ شَاتِكَ قُبِلَ قَوْلُهُ، وَعَنْهُ: لَا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ; لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى الْحِفْظِ أَشْبَهَ الْمُودِعَ، وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ قُبِضَتْ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ أَشْبَهَتِ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ، وَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ مَا تَلِفَ بِتَعَدِّيهِ أَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَجَوَازُ إِجَارَةِ الرَّاعِي، وَقِصَّةُ شُعَيْبٍ مَعَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - شَاهِدَةٌ بِذَلِكَ، فَإِذَا عَقَدَ عَلَى مُعَيَّنَةٍ تَعَيَّنَتْ فِي الْأَصَحِّ فَلَا يُبَدِّلُهَا، وَيُبْطِلُ الْعَقْدَ فِيمَا تَلِفَ مِنْهَا، وَإِنْ عَقَدَ عَلَى مَوْصُوفٍ ذَكَرَ نَوْعَهُ، وَكِبَرَهُ، وَصِغَرَهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ ثَمَّ قَرِينَةٌ أَوْ عُرْفٌ صَارِفٌ إِلَى بَعْضِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ رَعْيُ سِخَالِهَا، فَإِنْ ذَكَرَ عَدَدًا تَعَيَّنَ، وَإِنْ أَطْلَقَ لَمْ يَجُزْ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْعَادَةِ (وَإِذَا حَبَسَ الصَّانِعُ الثَّوْبَ عَلَى أُجْرَتِهِ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرْهَنْهُ عِنْدَهُ، وَلَا أَذِنَ لَهُ فِي إِمْسَاكِهِ، فَلَزِمَهُ الضَّمَانُ كَالْغَاصِبِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ كَانَ صَبْغُهُ مِنْهُ فَلَهُ حَبْسُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رَبِّ الثَّوْبِ أَوْ قَدْ قَصَّرَهُ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ، وَفِي " الْمَنْثُورِ " إِنْ خَاطَهُ، أَوْ قَصَّرَهُ، وَغَزَلَهُ فَتَلِفَ بِسَرِقَةٍ، أَوْ نَارٍ، فَمِنْ مَالِكِهِ وَلَا أُجْرَةَ ; لِأَنَّ الصَّنْعَةَ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ كَقَفِيزٍ مِنْ صَبْرَةٍ، وَيُسْتَثْنَى عَلَى الْأَوَّلِ مَا إِذَا أَفْلَسَ مُسْتَأْجِرُهُ ثُمَّ جَاءَ بَائِعُهُ يَطْلُبُهُ، فَلِلصَّانِعِ حَبْسُهُ.

(وَإِنْ تَلِفَ الثَّوْبُ بَعْدَ عَمَلِهِ خُيِّرَ الْمَالِكُ) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى مَالِهِ، فَكَانَتِ الْخِيَرَةُ إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ (بَيْنَ تَضْمِينِهِ إِيَّاهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) لِأَنَّ الْأُجْرَةَ إِنَّمَا تَجِبُ بِالتَّسْلِيمِ، وَلَمْ يُوجَدْ (وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ إِيَّاهُ مَعْمُولًا وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ أُجْرَتَهُ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْفَعْ إِلَيْهِ الْأُجْرَةَ لَاجْتَمَعَ عَلَى الْأَجِيرِ فَوَاتُ الْأُجْرَةِ وَضَمَانُ مَا يُقَابِلُهَا، وَلِأَنَّ الْمَالِكَ إِذَا ضَمَّنَهُ ذَلِكَ مَعْمُولًا يَكُونُ فِي مَعْنَى تَسْلِيمِ ذَلِكَ مَعْمُولًا، فَيَجِبُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ الْأُجْرَةَ لِحُصُولِ التَّسْلِيمِ الْحُكْمِيِّ، وَيُقَدَّمُ قَوْلُهُ فِي صِفَةِ عَمَلِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ، وَمِثْلُهُ تَلَفُ أَجِيرٍ مُشْتَرِكٍ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ مَوْضِعَ تَلَفِهِ، وَلَهُ أُجْرَتُهُ إِلَيْهِ، وَكَذَا عَمَلُهُ غَيْرَ صِفَةِ شَرْطِهِ أَيْ لَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهَا، وَعَلَيْهِ ضَمَانُ نَقْصِ الْغَزْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>