للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْيِينُ الْمَرْكُوبِ وَالرُّمَاةِ، سَوَاءٌ كَانَا اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَتَيْنِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الرَّاكِبَيْنِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

نَصْلٍ " وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَاخْتَصَّتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ بِأَخْذِ الْعِوَضِ فِيهَا ; لِأَنَّهَا مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ الْمَأْمُورِ بِتَعْلِيمِهَا وَإِحْكَامِهَا.

وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا وَجْهًا أَنَّهُ يَجُوزُ السَّبْقُ بِالطُّيُورِ الْمُعَدَّةِ لِأَخْبَارِ الْأَعْدَاءِ، «وَقَدْ صَارَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُكَانَةَ عَلَى شِيَاهٍ، فَصَرَعَهُ، فَأَخَذَهَا ثُمَّ عَادَ مِرَارًا فَأَسْلَمَ، فَرَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَنَمَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ مَعَ أَنَّ الصِّرَاعَ، وَالسَّبْقَ بِالْأَقْدَامِ، وَنَحْوِهِمَا طَاعَةٌ إِذَا قُصِدَ بِهِ نَصْرُ الْإِسْلَامِ، وَأَخْذُ السَّبْقِ عَلَيْهِ أَخْذَ الْحَقِّ، فَالْمُغَالَبَةُ الْجَائِزَةُ تَحِلُّ بِالْعِوَضِ إِذَا كَانَتْ مِمَّا يَنْفَعُ فِي الدِّينِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَيَجُوزُ أَخْذُ الرِّهَانِ فِي الْعِلْمِ لِقِيَامِ الدِّينِ بِالْجِهَادِ، وَالْعِلْمِ، وَفِي " الرَّوْضَةِ " يَخْتَصُّ جَوَازُ السَّبْقِ بِالْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ: الْحَافِرِ، فَيَعُمُّ كُلَّ ذِي حَافِرٍ، وَالْخُفِّ، فَيَعُمُّ كُلَّ ذِي خُفٍّ، وَالنَّصْلِ، فَيَخْتَصُّ النُّشَّابَ، وَالنَّبْلَ، وَلَا يَصِحُّ السَّبْقُ وَالرَّمْيُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَعَ الْجُعْلِ وَعَدَمِهِ، وَلِتَعْمِيمِهِ وَجْهٌ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ تَحْرِيمَ الرَّهْنِ فِي غَيْرِ الثَّلَاثَةِ إِجْمَاعًا. (بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: أَحَدُهَا: تَعْيِينُ الْمَرْكُوبِ) بِرُؤْيَةٍ (وَالرُّمَاةِ) لِأَنَّ الْقَصْدَ مَعْرِفَةُ جَوْهَرِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يُسَابَقُ عَلَيْهِمَا، وَسُرْعَةُ عَدْوِهِمَا، وَمَعْرِفَةُ حِذْقِ الرُّمَاةِ، وَلَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالتَّعْيِينِ بِالرُّؤْيَةِ، فَلَوْ عَقَدَ اثْنَانِ نِضَالًا مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نَفَرٌ غَيْرُ مُتَعَيِّنِينَ لَمْ يَجُزْ لِذَلِكَ، وَإِنْ عَقَدُوا قَبْلَ التَّعْيِينِ عَلَى أَنْ يَنْقَسِمُوا بَعْدَ الْعَقْدِ بِالتَّرَاضِي جَازَ لَا بِقُرْعَةٍ، وَإِنْ بَانَ بَعْضُ الْحِزْبِ كَثِيرَ الْإِصَابَةِ أَوْ عَكْسَهُ فَادَّعَى ظَنَّ خِلَافِهِ لَمْ يُقْبَلْ (سَوَاءٌ كَانَا اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَتَيْنِ) «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَرَّ عَلَى أَصْحَابٍ لَهُ يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ: ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ ابْنِ الْأَدْرَعِ، فَأَمْسَكَ الْآخَرُونَ، فَقَالَ: ارْمُوا، وَأَنَا مَعَكُمْ كُلُّكُمْ» ، صَحِيحٌ، وَلِأَنَّهُ إِذَا جَازَ أَنْ يَكُونُوا اثْنَيْنِ جَازَ أَنْ يَكُونُوا جَمَاعَتَيْنِ ; لِأَنَّ الْقَصْدَ مَعْرِفَةُ الْحِذْقِ.

(وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الرَّاكِبَيْنِ وَلَا الْقَوْسَيْنِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ عَدْوِ الْفَرَسِ، وَحِذْقِ الرَّامِي دُونَ الرَّاكِبِ، وَالْقَوْسِ لِأَنَّهُمَا آلَةٌ لِلْمَقْصُودِ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ تَعَيُّنُهُمَا كَالسَّرْجِ، فَكُلُّ مَا تَعَيَّنَ لَا يَجُوزُ إِبْدَالُهُ كَالْمُتَعَيِّنِ فِي الْبَيْعِ، وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ يَجُوزُ إِبْدَالُهُ مُطْلَقًا، فَعَلَى هَذَا إِنْ شَرَطَا أَنْ لَا يَرْمِيَ بِغَيْرِ هَذَا الْقَوْسِ، وَلَا بِغَيْرِ هَذَا السَّهْمِ، وَلَا يَرْكَبُ غَيْرُ هَذَا الرَّاكِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>