بَدَأَ أَحَدَهُمَا بِغَرَضٍ بَدَأَ الْآخَرَ بِالثَّانِي، وَإِذَا أَطَارَتِ الرِّيحُ الْغَرَضَ فَوَقَعَ السَّهْمُ مَوْضِعَهُ فَإِنْ كَانَ شَرْطُهُمْ خَوَاصِلَ احْتُسِبَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ خَوَاسِقَ لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِهِ وَلَا عَلَيْهِ. وَإِنْ عَرَضَ عَارِضٌ مِنْ كَسْرِ قَوْسٍ، أَوْ قَطْعِ وَتَرٍ، أَوْ رِيحٍ شَدِيدَةٍ لَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
شَرَطَا الْبَدَاءَةَ لِأَحَدِهِمَا فِي كُلِّ الْوُجُوهِ لَمْ يَصِحَّ، فَإِنْ فَعَلَا ذَلِكَ بِغَيْرِ شَرْطٍ بِرِضَاهُمَا جَازَ، وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَبْدَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ جَازَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اشْتِرَاطُ الْبُدَاءَةِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ غَيْرَ لَازِمٍ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ (وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا غَرَضَانِ إِذَا بَدَأَ أَحَدَهُمَا بِغَرَضٍ بَدَأَ الْآخَرُ بِالثَّانِي) لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا: «مَا بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» ، وَيُرْوَى أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَشْتَدُّونَ بَيْنَ الْأَغْرَاضِ يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ كَانُوا رُهْبَانًا، وَيَكْفِي غَرَضٌ وَاحِدٌ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِهِ وَهُوَ عَادَةُ أَهْلِ عَصْرِنَا.
فَرْعٌ: إِذَا تَشَاحَّا فِي الْوُقُوفِ كَأَنْ يَسْتَقْبِلَ أَحَدُهُمَا الشَّمْسَ وَالْآخِرُ يَسْتَدْبِرُهَا قُدِّمَ قَوْلُ مَنْ يَسْتَدْبِرُهَا ; لِأَنَّهُ الْعُرْفُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ، فَيُعْمَلُ بِهِ، وَلَوْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا التَّطْوِيلَ مُنِعَ مِنْهُ (وَإِذَا أَطَارَتِ الرِّيحُ الْغَرَضَ فَوَقَعَ السَّهْمُ مَوْضِعَهُ فَإِنْ كَانَ شَرْطُهُمْ خَوَاصِلَ احْتُسِبَ بِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ الْغَرَضُ مَوْضِعَهُ لَأَصَابَهُ (وَإِنْ كَانَ خَوَاسِقَ لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِهِ وَلَا عَلَيْهِ) فِي قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ لِأَنَّا لَا نَدْرِي هَلْ يَثْبُتُ فِي الْغَرَضِ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا أَوْ لَا.
وَقَالَ الْقَاضِي: يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ صَلَابَةُ الْهَدَفِ كَصَلَابَةِ الْغَرَضِ، فَثَبَتَ فِي الْهَدَفِ احْتُسِبَ لَهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مَعَ التَّسَاوِي لَمْ يُحْتَسَبْ، وَإِنْ كَانَ الْهَدَفُ أَصْلَبَ فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ لَوْ كَانَ رَخْوًا لَمْ يُحْتَسَبِ السَّهْمُ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، فَإِنْ وَقَعَ السَّهْمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْغَرَضِ احْتُسِبَ بِهِ عَلَى رَامِيهِ، وَكَذَا الْحُكْمُ إِذَا أَلْقَتِ الرِّيحُ الْغَرَضَ عَلَى، وَجْهِهِ (وَإِنْ عَرَضَ عَارِضٌ مِنْ كَسْرِ قَوْسٍ، أَوْ قَطْعِ وَتَرٍ، أَوْ رِيحٍ شَدِيدَةٍ لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيْهِ بِالسَّهْمِ) لِأَنَّ خَطَأَهُ لِعَارِضٍ لَا لِسُوءِ رَمْيِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَالْأَشْهَرُ: وَلَا لَهُ، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute