وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَمْلِكُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ. وَإِنْ غَصَبَ أَرْضًا فَحَفَرَ فِيهَا بِئْرًا وَوَضَعَ تُرَابَهَا فِي أَرْضِ مَالِكِهَا لَمْ يَمْلِكْ طَمَّهَا إِذَا أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ مِنْ ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ بِهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ غَصَبَ حَبًّا فَزَرَعَهُ، أَوْ بَيْضًا فَصَارَ فَرْخًا، أَوْ نَوًى فَصَارَ غَرْسًا رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ مِثْلُ الَّذِي قَبْلَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ، وَفَرَّقَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " بِأَنَّ الصِّبْغَ عَيْنُ مَالٍ لَا يَزُولُ مِلْكُ مَالِكِهِ عَنْهُ بِجَعْلِهِ مَعَ مِلْكِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَمْلِكُهُ) الْغَاصِبُ (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) قَبْلَ تَغْيِيرِهِ، هَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ نَقَلَهَا عَنْهُ مُحَمَّدُ عَبْدُ الْحَكَمِ فِيمَنْ جَعَلَ حَدِيدًا سُيُوفًا تُقَوَّمُ فَيُعْطِيهِ الثَّمَنَ عَلَى الْقِيمَةِ، حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الزَّرْعِ: «أَعْطُوهُ ثَمَنَ بَذْرِهِ» ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ قَوْلٌ قَدِيمٌ مَرْجُوعٌ عَنْهُ، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَهُمَا، فَلَوْ وَهَبَهُ الْغَاصِبُ عَمَلَهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " (وَإِنْ غَصَبَ أَرْضًا فَحَفَرَ فِيهَا بِئْرًا وَوَضَعَ تُرَابَهَا فِي أَرْضِ مَالِكِهَا لَمْ يَمْلِكْ طَمَّهَا إِذَا أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ مِنْ ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ بِهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) لِأَنَّهُ إِتْلَافٌ لَا نَفْعَ فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِعْلُهُ، كَمَا لَوْ غَصَبَ نُقْرَةً فَطَبَعَهَا دَرَاهِمَ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا نُقْرَةً، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إِذَا طَالَبَهُ الْمَالِكُ بِطَمِّهَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ، وَالثَّانِي: لَهُ طَمُّهَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إِبْرَاءٌ مِمَّا لَمْ يَجِبْ بَعْدُ، مَعَ أَنَّهُ إِبْرَاءٌ مِنْ حَقِّ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْوَاقِعُ فِيهَا، وَنُصِرَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " الْأَوَّلُ بِأَنَّ الضَّمَانَ إِنَّمَا يَلْزَمُهُ لِوُجُودِ التَّعَدِّي، فَإِذَا رَضِيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ زَالَ التَّعَدِّي، فَيَزُولُ الضَّمَانُ، وَلَيْسَ هَذَا إِبْرَاءٌ مِمَّا لَمْ يَجِبْ، وَإِنَّمَا هُوَ إِسْقَاطُ التَّعَدِّي بِرِضَاهُ بِهِ، وَهَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِيمَا ذَكَرَهُ، فَلَوْ وَضَعَ التُّرَابَ فِي غَيْرِ أَرْضِ مَالِكِهَا، أَوْ لَمْ يُبَرِّئْهُ مِنَ الضَّمَانِ فَلَا، وَحُكْمُ مَا إِذَا مَنَعَهُ مِنْ طَمِّهَا كَذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا غَصَبَ بَقَرَةً، وَأَنْزَى عَلَيْهَا فَحْلَهُ، أَوْ بِالْعَكْسِ، فَالْوَلَدُ لِرَبِّ الْأُمِّ، وَلَا أُجْرَةَ لِفِعْلِهِ، وَلَا أَرْشَ، وَعَلَيْهِ أَرْشُ فَحْلِ غَيْرِهِ إِنْ ضَرَّهُ ضِرَابُهُ، وَأُجْرَتُهُ إِنْ صَحَّ إِيجَارُهُ لِذَلِكَ، وَإِذَا أَفْرَخَتْ طَيْرَةُ زَيْدٍ عِنْدَ عَمْرٍو مِنْ طَيْرِهِ، فَفَرْخُهَا لِزَيْدٍ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ مَا أَنْفَقَهُ عَمْرٌو إِنْ نَوَى الرُّجُوعَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ غَصَبَ حَبًّا فَزَرَعَهُ، أَوْ بَيْضَا فَصَارَ فَرْخًا، أَوْ نَوًى فَصَارَ غَرْسًا) وَفِي " الِانْتِصَارِ "، أَوْ غُصْنًا فَصَارَ شَجَرَةً (رَدَّهُ) لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِ مَالِكِهِ وَنَقْصَهُ (وَلَا شَيْءَ لَهُ) لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِفِعْلِهِ (وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ مِثْلُ الَّذِي قَبْلَهُ) فَيَرُدُّهُ، وَنَقْصَهُ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute