للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلَطَهُ بِدُونِهِ، أَوْ خَيْرٍ مِنْهُ، أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ لَزِمَهُ مِثْلُهُ فِي قِيَاسِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا. وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ، أَوْ سَوِيقًا فُلَتَّهُ بِزَيْتٍ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَدَرَ عَلَى دَفْعِ مَالِهِ إِلَيْهِ مَعَ رَدِّ الْمِثْلِ فِي الْبَاقِي فَلَمْ يَنْتَقِلْ إِلَى بَدَلِهِ فِي الْجَمِيعِ، كَمَا لَوْ غَصَبَ صَاعًا فَتَلِفَ بَعْضُهُ (وَفِي الْآخَرِ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ) قَالَ الْقَاضِي: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِ مَالِهِ بِالْخَلْطِ فَوَجَبَ مُطْلَقُ الْمِثْلِ، وَفِي " الْوَسِيلَةِ "، وَ " الْمُوجَزِ " قُسِّمَ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ قِيمَتِهِمَا، أَمَّا لَوْ خَلَطَهُ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَزَيْتٍ خُلِطَ بِمَاءٍ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَخْلِيصُهُ خَلَّصَهُ وَرَدَّهُ، وَرَدَّ نَقْصَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَخْلِيصُهُ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ يُفْسِدُهُ لَزِمَهُ مِثْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهُ رَدَّهُ، وَرَدَّ نَقْصَهُ، وَإِنِ احْتِيجَ فِي تَخْلِيصِهِ إِلَى غَرَامَةٍ فَعَلَى الْغَاصِبِ (وَإِنْ خَلَطَهُ بِدُونِهِ، أَوْ خَيْرٍ مِنْهُ، أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ) عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ (لَزِمَهُ مِثْلُهُ فِي قِيَاسِ الَّتِي قَبْلَهَا) .

قَالَ الْقَاضِي: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْخَلْطِ مُسْتَهْلَكًا، وَكَذَا لَوِ اشْتَرَى زَيْتًا فَخَلَطَهُ بِزَيْتِهِ، ثُمَّ أَفْلَسَ، صَارَ الْبَائِعُ كَبَعْضِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوُصُولُ إِلَى عَيْنِ مَالِهِ، فَكَانَ لَهُ بَدَلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ تَالِفًا، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا خَلَطَهُ بِخَيْرٍ مِنْهُ، وَبَذَلَ الْغَاصِبُ مِثْلَ حَقِّهِ مِنْهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ، وَإِنْ كَانَ بِأَدْنَى مِنْهُ فَرَضِيَ الْمَالِكُ بِأَخْذِ قَدْرِ حَقِّهِ مِنْهُ لَزِمَ الْغَاصِبَ بَدَلُهُ، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ انْتَقَلَ إِلَى الذِّمَّةِ فَلَمْ يُجْبِرْ عَلَى عَيْنِ مَالٍ، وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ مِنَ الرَّدِيءِ، أَوْ دُونَ حَقِّهِ مِنَ الْجَيِّدِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ رِبًا، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَرَضِيَ بِأَخْذِ دُونِ حَقِّهِ مِنَ الرَّدِيءِ، أَوْ سَمَحَ الْغَاصِبُ بِدَفْعِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ مِنَ الْجَيِّدِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا مُقَابِلَ لِلزِّيَادَةِ، وَإِنْ خَلَطَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، فَتَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ دُونَ حَقِّهِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ؛ لِأَنَّ بَدَلَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَلَا تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ بَيْنَهُمَا (وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ، قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ فِي رَجُلٍ لَهُ رِطْلُ شَيْرَجٍ، وَآخَرَ لَهُ رِطْلُ زَيْتٍ، وَاخْتَلَطَا: يُبَاعُ الدُّهْنُ كُلُّهُ، وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ قَدْرَ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَصَلَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى عَيْنِ مَالِهِ، فَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ عَنْ قِيمَتِهِ مُنْفَرِدًا، فَعَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ النَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِفِعْلِهِ، فَلَوِ اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ بِاثْنَيْنِ لِآخَرَ فَتَلِفَ اثْنَانِ فَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، أَوْ نِصْفَيْنِ؛ فِيهِ وَجْهَانِ.

مَسْأَلَةٌ: إِذَا اخْتَلَطَ نَقْدٌ حَرَامٌ بِمِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ، دَفَعَ قَدْرَ الْحَرَامِ إِلَى مَالِكِهِ، أَوْ مَنْ يَقُومُ

<<  <  ج: ص:  >  >>