للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَاصِبُ النَّقْصَ، وَإِنْ وَهَبَ الصِّبْغَ لِلْمَالِكِ أَوْ وَهَبَهُ تَزْوِيقَ الدَّارِ وَنَحْوِهَا، فَهَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكَ قَبُولُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ غَصَبَ صِبْغًا فَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا، أَوْ زَيْتًا فَلَتَّ بِهِ سَوِيقًا، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، وَاحْتَمَلَ أَنْ تَلْزَمَهُ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا وَصِبْغَا، فَصَبَغَهُ بِهِ رَدَّهُ وَأَرْشَ نَقْصِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي زِيَادَتِهِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ مَا يَهْلِكُ صَبْغُهُ بِالْقَلْعِ وَبَيْنَ مَا لَا يَهْلِكُ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إِذَا هَلَكَ بِالْقَلْعِ؛ لِأَنَّهُ سَفَهٌ، وَإِنْ أَرَادَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَوَجْهَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُمَلَّكُ إِجْبَارَهُ عَلَيْهِ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ قَلْعِهِ، وَحَكَى فِي " الرِّعَايَةِ " احْتِمَالًا أَنَّ لَهُ قَلْعَهُ بِأَرْشِهِ مَعَ بَقَاءِ قِيمَةِ الثَّوْبِ قَبْلَهُ، وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَخْذُ الثَّوْبِ بِقِيمَتِهِ، فَلَوْ بَذَلَ رَبُّ الثَّوْبِ قِيمَةَ الصِّبْغِ لِمَالِكِهِ، لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهِ، كَمَا لَوْ بَذَلَ قِيمَةَ الْغِرَاسِ، وَقِيلَ: بَلَى إِذَا لَمْ يَقْلَعْهُ كَالْغَرْسِ فِي الْأَرْضِ الْمَشْفُوعَةِ (وَإِنْ وَهَبَ الصِّبْغَ لِلْمَالِكِ أَوْ وَهَبَهُ تَزْوِيقَ الدَّارِ وَنَحْوِهَا، فَهَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكَ قَبُولُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّبْغَ صَارَ مِنْ صِفَاتِ الْعَيْنِ، فَهُوَ كَزِيَادَةِ الصِّفَةِ فِي الْمُسَلَّمِ بِهِ، وَكَنَسْجِ الْغَزْلِ، لَا هِبَةَ مَسَامِيرَ سُمِّرَ بِهَا الْبَابُ الْمَغْصُوبُ، وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ يُمْكِنُ إِفْرَادُهَا كَالْغِرَاسِ، فَإِنْ أَرَادَ مَالِكُ الثَّوْبِ بَيْعَهُ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ، وَإِنْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَهُ لَمْ يُجَبْ إِلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ (وَإِنْ غَصَبَ صِبْغًا فَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا، أَوْ زَيْتًا فَلَتَّ بِهِ سَوِيقًا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ) أَيْ: أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ حَيْثُ كَانَ الصِّبْغُ وَالثَّوْبُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ بِمَالِهِ (وَاحْتَمَلَ أَنْ تَلْزَمَهُ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا) لِأَنَّ الصِّبْغَ قَدْ تَفَرَّقَ فِي الثَّوْبِ، وَالزَّيْتَ مُسْتَهْلَكٌ فِي السَّوِيقِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهُمَا.

(وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا وَصِبْغًا فَصَبَغَهُ بِهِ رَدَّهُ) لِأَنَّهُ عَيْنٌ مِلْكُ غَيْرِهِ (وَ) يَرُدُّ (أَرْشَ نَقْصِهِ) لِأَنَّهُ حَصَلَ بِفِعْلِهِ (وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي زِيَادَتِهِ) لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا لِاثْنَيْنِ، أَوْ لِوَاحِدٍ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " إِذَا كَانَ مِنْ وَاحِدٍ وَزَادَا فَزِيَادَتُهُمَا لَغْوٌ، وَيُحْتَمَلُ الشَّرِكَةُ، وَإِنْ كَانَا مِنَ اثْنَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ بِالْقِيمَةِ، وَمَا نَقَصَ أَحَدُهُمَا غَرِمَهُ الْغَاصِبُ، وَقِيلَ: زِيَادَةُ أَحَدِهِمَا لِرَبِّهِ، وَفِي " الشَّرْحِ " هُمَا شَرِيكَانِ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>