للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: غَلِطْتُ، فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنِ ادَّعَى أَنَّكَ اشْتَرَيْتَهُ بِأَلْفٍ، فَقَالَ: بَلِ اتُّهِبْتُهُ أَوْ وَرِثْتُهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلشَّفِيعِ فَلَهُ أَخْذُهُ، وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: إِمَّا أَنْ تَقْبَلَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي كَالْمُرَابَحَةِ، بَلْ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتِ الْكَذِبَةُ، فَقُبِلَ رُجُوعُهُ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ بَيِّنَةٌ فَتَحَالَفَا، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي أَخْذَهُ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ، جَازَ، وَمَلَكَ بِشَفِيعٍ أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ فِي الْفَسْخِ زَالَ.

فَرْعٌ: إِذَا ادَّعَى عَلَى إِنْسَانٍ شُفْعَةً فِي شِقْصٍ اشْتَرَاهُ، فَقَالَ: لَيْسَ لَكَ مِلْكٌ فِي شَرِكَتِي، فَعَلَى الشَّفِيعِ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِالشَّرِكَةِ فِي قَوْلِ الْجَمَاهِيرِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إِذَا كَانَ فِي يَدِهِ اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ بِهِ (وَإِنِ ادَّعَى أَنَّكَ اشْتَرَيْتَهُ بِأَلْفٍ) فَلِيَ الشُّفْعَةُ، احْتَاجَ إِلَى تَحْرِيرِ الدَّعْوَى، فَيُحَدِّدُ الْمَكَانَ الَّذِي فِيهِ الشِّقْصُ، وَيَذْكُرُ قَدْرَ الشِّقْصِ وَثَمَنَهُ، فَإِنِ اعْتَرَفَ لَزِمَهُ، وَإِنْ أَنْكَرَ (فَقَالَ: بَلِ اتُّهِبْتُهُ أَوْ وَرِثْتُهُ) فَلَا شُفْعَةَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ: مُدَّعِي الْهِبَةِ وَالْإِرْثِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ، وَالْمُثْبِتُ لِلشُّفْعَةِ الْبَيْعُ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ (مَعَ يَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِ خَصْمِهِ، وَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ، فَإِنْ قَالَ: لَا تَسْتَحِقُّ عَلَى شُفْعَةٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَهِيَ عَلَى حَسَبِ جَوَابِهِ (فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا) قُضِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ قَائِمٌ مَقَامَ الْإِقْرَارِ (أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلشَّفِيعِ فَلَهُ أَخْذُهُ) لِأَنَّ الْبَيْعَ ثَبَتَ بِحُقُوقِهِ، وَالْأَخْذُ بِهَا مِنْ حُقُوقِهِ (وَ) حِينَئِذٍ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الثَّمَنَ، فَإِنْ أَخَذَهُ دُفِعَ إِلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ: لَا أَسْتَحِقُّهُ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: (يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: إِمَّا أَنْ تَقْبَلَ الثَّمَنَ، وَإِمَّا أَنْ تُبَرِّئَ مِنْهُ) اخْتَارَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ صَارَ مُسْتَحَقًّا لَهُ، فَيُقَالُ لَهُ ذَلِكَ لِتَحْصُلَ بَرَاءَةُ الشَّفِيعِ، وَكَسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ إِذَا جَاءَهُ الْمُكَاتَبُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ، فَادَّعَى أَنَّهُ حَرَامٌ، وَالثَّانِي: يُقَرُّ فِي يَدِ الشَّفِيعِ إِلَى أَنْ يَدَّعِيَهُ الْمُشْتَرِي، فَيُدْفَعَ إِلَيْهِ. قَالَ فِي " الشَّرْحِ " وَهُوَ أَوْلَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَالثَّالِثُ: يَأْخُذُهُ حَاكِمٌ، فَيَحْفَظُهُ لِصَاحِبِهِ حَتَّى يَدَّعِيَهُ، فَمَتَى ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي دُفِعَ إِلَيْهِ، وَفَرَّقَ فِي " الشَّرْحِ " بَيْنَ الْمُكَاتَبِ، وَالشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ يُطَالِبُهُ بِالْوَفَاءِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الَّذِي أَتَاهُ بِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى سَيِّدِهِ تَحْرِيمَهُ، وَهَذَا لَا يُطَالِبُ الشَّفِيعَ بِشَيْءٍ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكَلَّفَ الْإِبْرَاءَ مِمَّا لَا يَدَّعِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>