للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَالِ عَلَى الْمَضَارِبِ فِيمَا يَشْتَرِيهِ لِلْمُضَارَبَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَمُعْتَقِدِ غَلَطِ جِبْرِيلَ فِي الرِّسَالَةِ، وَمَنْ حُكِمَ بِكُفْرِهِ مِنَ الدُّعَاةِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُمْ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهَا إِذَا لَمْ تَثْبُتْ لِلذِّمِّيِّ الَّذِي يُقِرُّ عَلَى كُفْرِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى (وَهَلْ تَجِبُ الشُّفْعَةُ لِلْمُضَارِبِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، أَوْ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمَضَارِبِ فِيمَا يَشْتَرِيهِ لِلْمُضَارَبَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى: هَلْ تَجِبُ الشُّفْعَةُ لِلْمَضَارِبِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ؟ وَفِيهَا وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: تَجِبُ، وَصُورَتُهَا بِأَنْ يَكُونَ الْمُضَارِبُ لَهُ شِقْصٌ فِي عَقَارٍ، فَاشْتَرَى بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ بَقِيَّتَهُ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ دَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ، وَالثَّانِي: لَا شُفْعَةَ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ تَعَلُّقًا فِي الْجُمْلَةِ، أَشْبَهَ رَبَّ الْمَالِ، وَالْمَذْهَبُ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " أَنَّهَا لَا تَجِبُ إِنْ ظَهَرَ رِبْحٌ، وَإِلَّا وَجَبَتَ، نَصَّ عَلَيْهِ.

قَالَ صَاحِبُ " النِّهَايَةِ ": وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلْعَامِلِ فِيمَا اشْتَرَاهُ كَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ. الثَّانِيَةُ: الْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمَضَارِبِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَقَعَ لَهُ، فَلَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ عَلَى نَفْسِهِ، وَالثَّانِي: تَجِبُ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ كَالْمُنْفَرِدِ بِنَفْسِهِ، أَشْبَهَ مَا إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا، فَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ، وَهَذِهِ شُفْعَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ تَجْلِبْ مِلْكًا، وَإِنَّمَا قَرَّرَتْهُ. قَالَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ ": وَالْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى شِرَاءِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَلَا شُفْعَةَ لِمُضَارِبٍ فِيمَا بَاعَهُ مِنْ مَالِهَا وَلَهُ فِيهِ مِلْكٌ، وَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا بِيعَ شَرِكَةً لِمَالِ الْمُضَارَبَةِ، إِنْ كَانَ فِيهَا حَظٌّ، فَإِنْ أَبِي أَخَذَ بِهَا رَبُّ الْمَالِ.

تَذْنِيبٌ: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لَا يَرَى الشُّفْعَةَ فِي أَرْضِ السَّوَادِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ وَقَفَهَا، وَكَذَا كُلُّ أَرْضٍ وَقَفَهَا كَالشَّامِ وَمِصْرَ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ ": إِلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِبَيْعِهَا حَاكِمٌ، أَوْ يَفْعَلَهُ الْإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ، فَتَثْبُتُ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَحُكْمُ الْحَاكِمِ يَنْفُذُ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>