للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْهُ ضَمِنَهَا، وَإِنْ خَلَطَهَا بِمُتَمَيِّزٍ أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ لِيَسْقِيَهَا، وَإِنْ أَخَذَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

رَدَّهَا) بِنِيَّةِ الْأَمَانَةِ ضَمِنَهَا لِتَصَرُّفِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ؛ لِأَنَّهُ مُمْسِكٌ لَهَا بِإِذْنِ مَالِكِهَا، أَشْبَهَ مَا قَبِلَ التَّعَدِّي، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ ضَمِنَهَا بِعُدْوَانٍ، فَبَطَلَ الِاسْتِئْمَانُ، كَمَا لَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا وَيَخْرُجُ مِنْهُ مَا إِذَا اسْتَعْمَلَهَا لِنَفْعِهَا كَلُبْسِ صُوفٍ وَنَحْوِهِ، خَوْفًا مِنْ عَثٍّ وَنَحْوِهِ (أَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا) لِأَنَّهُ بِجَحْدِهَا خَرَجَ عَنِ الِاسْتِئْمَانِ عَنْهَا، فَلَمْ يَزُلْ عَنْهُ الضَّمَانُ بِالْإِقْرَارِ بِهَا؛ لِأَنَّ يَدَهُ صَارَتْ يَدَ عُدْوَانٍ (أَوْ كَسَرَ خَتْمَ كِيسِهَا) أَوْ كَانَتْ مَشْدُودَةً فَأَزَالَ الشَّدَّ، أَوْ مَقْفُولَةً فَأَزَالَهُ، وَسَوَاءٌ أَخَرَجَ مِنْهَا شَيْئًا أَوْ لَا لِهَتْكِهِ الْحِرْزَ بِفِعْلٍ تَعَدَّى فِيهِ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ: لَا يَضْمَنُ، فَإِنْ خَرَقَ الْكِيسَ فَوْقَ الشَّدِّ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا خَرَقَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَهْتِكِ الْحِرْزَ (أَوْ خَلَطَهَا بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْهُ) كَزَيْتٍ بِزَيْتٍ، وَدَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ (ضَمِنَهَا) لِأَنَّهُ صَيَّرَهَا فِي حُكْمِ التَّالِفِ وَفَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ رَدَّهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَلْقَاهَا فِي لُجَّةِ بَحْرٍ، وَسَوَاءٌ خَلَطَهَا بِمَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ بِمِثْلِهَا، أَوْ دُونِهَا، أَوْ أَجْوَدَ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ عَنْ أَحْمَدَ فِي رَجُلٍ أَعْطَى آخَرَ دِرْهَمًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَيْئًا، فَخَلَطَهُ مَعَ دَرَاهِمِهِ، فَضَاعَا، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَلَمْ يَتَأَوَّلْهُ فِي " النَّوَادِرِ " وَذَكَرَهُ الْحُلْوَانِيُّ، ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَجُزِمَ بِهِ فِي " الْمَنْثُورِ " عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: لِأَنَّهُ خَلَطَهُ بِمَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا ضَاعَ ضَمِنَ، نَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " إِذَا خَلَطَ إِحْدَى وَدِيعَتَيْ زَيْدٍ بِالْأُخْرَى بِلَا إِذْنٍ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ، فَوَجْهَانِ.

فَرْعٌ: إِذَا نَوَى التَّعَدِّيَ فِيهَا وَلَمْ يَتَعَدَّ لَمْ يَضْمَنْ، وَحَكَى الْقَاضِي قَوْلًا: بَلَى، كَمُلْتَقِطٍ فِي وَجْهٍ.

(وَإِنْ خَلَطَهَا بِمُتَمَيِّزٍ) كَدَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَحَكَاهُ فِي " الشَّرْحِ " بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْجَزُ بِذَلِكَ عَنْ رَدِّهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَكَهَا فِي صُنْدُوقٍ فِيهِ أَكْيَاسٌ لَهُ. وَالثَّانِيَةُ: يَضْمَنُ لِلتَّصَرُّفِ فِيهَا، وَكَذَا الْخِلَافُ إِنْ خَلَطَ بِيضًا بِسُودٍ، وَصِحَاحًا بِمُكَسَّرَةٍ. وَالثَّالِثَةُ: يَضْمَنُ إِنْ خَلَطَ بِيضًا بِسُودٍ، وَحَمَلَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " عَلَى أَنَّهَا تَكْتَسِبُ مِنْهَا سَوَادًا، وَيَتَغَيَّرُ لَوْنُهَا (أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ لِيَسْقِيَهَا) أَوْ لِيَعْلِفَهَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>