للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْمُتَحَجِّرِ الشَّارِعِ فِي الْإِحْيَاءِ، وَلَهُ إِقْطَاعُ الْجُلُوسِ فِي الطُّرُقِ الْوَاسِعَةِ وَرِحَابِ الْمَسْجِدِ، مَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى النَّاسِ، وَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِقْطَاعِ، وَيَكُونُ الْمُقْطَعُ أَحَقَّ بِالْجُلُوسِ فِيهَا، فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهَا فَلِمَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا الْجُلُوسُ فِيهَا، وَيَكُونُ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يَنْقُلْ قُمَاشَهُ عَنْهَا، فَإِنْ أَطَالَ الْجُلُوسَ فِيهَا فَهَلْ يُزَالُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَعْقُوبُ: قَطَائِعُ الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ مِنَ الْمَكْرُوهَةِ، كَانَتْ لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَأَخَذَهَا هَؤُلَاءِ، وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ: مَا أَدْرِي مَا هَذِهِ الْقَطَائِعُ يُخْرِجُونَهَا مِمَّنْ شَاءُوا إِلَى مَنْ شَاءُوا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا مَنْ أُقْطِعَهَا، فَكَيْفَ يَخْرُجُ عَنْهُ، وَلِهَذَا عَوَّضَ عُمَرُ جَرِيرًا الْبَجْلِيَّ لَمَّا رَجَعَ فِيمَا أَقْطَعَهُ (وَلَهُ إِقْطَاعُ الْجُلُوسِ) لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (فِي الطُّرُقِ الْوَاسِعَةِ وَرِحَابِ الْمَسْجِدِ) إِنْ قِيلَ إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُ إِذَا كَانَتْ وَاسِعَةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُبَاحُ الْجُلُوسُ فِيهِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ، فَجَازَ إِقْطَاعُهُ كَالْأَرْضِ الدَّارِسَةِ، وَتُسَمَّى إِقْطَاعَ إِرْفَاقٍ (مَا لَمْ يُضَيَّقْ عَلَى النَّاسِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ فِيمَا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ، فَضْلًا عَمَّا فِيهِ مَضَرَّةٌ.

(وَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِقْطَاعِ) لِمَا ذُكِرَ فِي إِقْطَاعِ الْأَرْضِ (وَيَكُونُ الْمُقْطَعُ أَحَقَّ بِالْجُلُوسِ فِيهَا) بِمَنْزِلَةِ السَّابِقِ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ إِقْطَاعٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ السَّابِقَ إِذَا نَقَلَ مَتَاعَهُ عَنْهَا فَلِغَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِيهَا، وَهَذَا قَدِ اسْتَحَقَّ بِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ، فَلَا يَزُولُ حَقُّهُ بِنَقْلِ مَتَاعِهِ، وَلَا لِغَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِيهِ، وَشَرْطُهُ مَا لَمْ يَعُدْ فِيهِ، وَيَحْرُمُ مَا يُضَيِّقُ عَلَى الْمَارَّةِ وَلَوْ بِعِوَضٍ، وَحُكْمُهُ فِي التَّظْلِيلِ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا لَيْسَ بِبِنَاءٍ، وَمَنْعِهِ مِنَ الْمُقَامِ إِذَا أَطَالَ مُقَامُهُ، حُكْمُ السَّابِقِ.

(فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهَا فَلِمَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا الْجُلُوسُ فِيهَا) عَلَى الْأَصَحِّ عَلَى وَجْهٍ لَهَا لَا يُضَيِّقُ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ لِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ عَلَى إِقْرَارِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ، وَلِأَنَّهُ ارْتِفَاقٌ بِمُبَاحٍ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ كَالِاحْتِيَازِ (وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مَا لَمْ يَنْقُلْ قُمَاشَهُ عَنْهَا) لِسَبْقِهِ إِلَى مُبَاحٍ كَمَارٍّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا قَامَ وَتَرَكَ مَتَاعَهُ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ إِزَالَتُهُ، وَأَنَّهُ إِذَا نَقَلَ مَتَاعَهُ كَانَ لِغَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِيهِ، وَقِيلَ: إِنْ فَارَقَ لِيَعُودَ قَرِيبًا فَعَادَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَعَنْهُ: يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ إِلَى اللَّيْلِ، وَفِي افْتِقَارِهِ إِلَى إِذْنٍ، فِيهِ وَجْهَانِ، لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَشْتَرِيَ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَبِيعُونَ عَلَى الطَّرِيقِ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى ضِيقِهِ، أَوْ كَوْنِهِ يُؤْذِي الْمَارَّةَ (فَإِنْ أَطَالَ الْجُلُوسَ فِيهَا) مِنْ غَيْرِ إِقْطَاعٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>