للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْوِهَا، فَلَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا، وَمَنْ أَخَذَهَا ضَمِنَهَا، فَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى نَائِبِ الْإِمَامِ زَالَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

جَازَ الْتِقَاطُهَا لِأَجْلِ حِفْظِهَا لِصَاحِبِهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا إِذَا وَجَدَهَا فِي مَوْضِعٍ يُخَافُ عَلَيْهَا بِهِ كَأَرْضِ مَسْبَعَةٍ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ بِمَوْضِعٍ يَسْتَحِلُّ أَهْلُهُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ فِي بَرِّيَّةٍ لَا مَاءَ بِهَا وَلَا مَرْعَى، فَالْأَوْلَى أَخْذُهَا لِلْحِفْظِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إِنْقَاذَهَا مِنَ الْهَلَاكِ، أَشْبَهَ تَخْلِيصَهَا مِنْ حَرِيقٍ (وَمَنْ أَخَذَهَا ضَمِنَهَا) لِأَنَّهُ أَخَذَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلَا إِذْنِ الشَّارِعِ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ زَمَنِ الْأَمْنِ وَالْفَسَادِ أَوْ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ إِمَامًا أَوْ لَا، فَإِنْ رَدَّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ، لَكِنْ إِذَا الْتَقَطَ ذَلِكَ غَيْرُ الْإِمَامِ وَكَتَمَهُ ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ مَرَّتَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ لِلْخَبَرِ (فَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى نَائِبِ الْإِمَامِ زَالَ عَنْهُ الضَّمَانُ) لِأَنَّ الْإِمَامَ لَهُ نَظَرٌ فِي ضَوَالِّ النَّاسِ، فَكَانَ نَائِبًا عَنْ أَصْحَابِهَا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ لِلْإِمَامِ وَنَائِبِهِ أَخْذُهَا لِلْحِفْظِ، لِقَوْلِ عُمَرَ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهَا، وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ بِوَصْفِهَا، فَإِنْ أَخَذَهَا غَيْرُهُمَا لِيَحْفَظَهَا عَلَى أَصْحَابِهَا لَمْ يَجُزْ، وَلَزِمَهُ ضَمَانُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهَا.

فَائِدَةٌ: يُسَمِّ الْإِمَامُ مَا يَحْصُلُ عِنْدَهُ مِنَ الضَّوَالِّ بِأَنَّهَا ضَالَّةٌ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهَا. قَالَ فِي " الرِّعَايَةِ " سِمَةُ الصَّدَقَةِ.

فَرْعٌ: مَا يَحْتَفِظُ بِنَفْسِهِ مِنَ الْأَحْجَارِ الْكِبَارِ كَحَجَرِ الطَّاحُونِ، وَالْخَشَبِ الْكَبِيرِ، وَقُدُورِ النُّحَاسِ فَهُوَ كَالْإِبِلِ بَلْ أَوْلَى، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " وَقَدَّمَ فِي " الْفُرُوعِ " خِلَافَهُ، وَمَنْ أَخَذَ مَتَاعَهُ وَتَرَكَ بَدَلَهُ، فَلُقَطَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: وَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهُ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ.

أَصْلٌ: إِذَا وَجَدَ فِي حَيَوَانٍ نَقْدًا أَوْ دُرَّةً فَهُوَ لُقَطَةٌ لِوَاجِدِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِبَائِعٍ ادَّعَاهُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ مُشْتَرٍ أَنَّهُ أَكَلَهُ عِنْدَهُ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ وَجَدَ دُرَّةً غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ فِي سَمَكَةٍ فَهِيَ لِصَيَّادٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ ابْتِلَاعُهَا مِنْ مَعْدِنِهَا، فَلَوْ تَرَكَ دَابَّةً بِمَهْلَكَةٍ أَوْ فَلَاةٍ لِعَجْزِهِ أَوِ انْقِطَاعِهَا مَلَكَهَا آخِذُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا، بَلْ هِيَ لِمَالِكِهَا كَعَبْدٍ، وَتَرْكِ مَتَاعٍ عَجْزًا فَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ وَأُجْرَةِ مَتَاعٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا نَفَقَةَ، وَلَا أُجْرَةَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>