للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَطَأً فَالْأَرْشُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي كَسْبِهِ، وَإِذَا وَقَفَ عَلَى ثَلَاثَةٍ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ رَجَعَ نَصِيبُهُ إِلَى الْآخَرَيْنِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَرْعٌ: إِذَا طَلَبَتِ التَّزْوِيجَ لَزِمَهُ إِجَابَتُهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا طَلَبَتْهُ، فَتَعَيَّنَتِ الْإِجَابَةُ، وَمَا فَاتَ مِنَ الْحَقِّ بِهِ يَفُوتُ نَفْعًا، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَانِعًا كَغَيْرِ الْمَوْقُوفَةِ.

(وَإِنْ جَنَى الْوَقْفَ) جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ (خَطَأً فَالْأَرْشُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَفِي " الْوَجِيزِ "، وَمُرَادُهُمْ إِذَا كَانَ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، فَكَانَتْ عَلَيْهِ كَجِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ أَرْشُهَا بِرَقَبَةِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ كَأُمِّ الْوَلَدِ (وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي كَسْبِهِ) كَمَا لَوْ لَمْ يَكِنْ مُعَيَّنًا كَالْوَقْفِ عَلَى الْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُسْتَحَقٌّ مُعَيَّنٌ يُمْكِنُ إِيجَابُ الْأَرْشِ عَلَيْهِ، وَالْمَذْهَبُ إِنْ قُلْنَا: هُوَ مِلْكٌ لِلَّهِ فَالْأَرْشُ فِي كَسْبِهِ لِتَعَذُّرِ تَعَلُّقِهِ بِرَقَبَتِهِ؛ لِكَوْنِهِ لَا يُبَاعُ، وَبِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَا يَمْلِكُهُ؛ وَقِيلَ: هُوَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَحَكَاهُ فِي " التَّبْصِرَةِ " رِوَايَةً، كَأَرْشِ جِنَايَةِ الْحُرِّ الْمُعْسِرِ، وَضَعَّفَهُ فِي " الْمُغْنِي " بِأَنَّ الْجِنَايَةَ إِنَّمَا تَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي صُورَةٍ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ عِنْدَ عَدَمِهَا، وَجِنَايَةُ الْعَبْدِ لَا تَحْمِلُهَا.

تَنْبِيهٌ: لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفُ إِذَا جَنَى جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْقَوَدِ وَالْقَطْعِ أَنَّهُ يَجِبُ، فَإِنْ قَتَلَ يَبْطُلُ الْوَقْفُ لَا بِقَطْعِهِ، وَيَكُونُ بَاقِيهِ وَقْفًا كَتَلَفِهِ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ قُتِلَ فَالظَّاهِرُ لَا يَجِبُ الْقَوَدُ كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ، وَلَيْسَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْعَفْوُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهَا، وَيَشْتَرِي بِهَا مِثْلَهَا يَكُونُ وَقْفًا، وَيَتَوَجَّهُ اخْتِصَاصُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِهَا إِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُهُ. وَإِنْ قَطَعَ طَرَفَهُ فَلِلْعَبْدِ الْقَوَدِ، وَإِنْ عَفَا فَأَرْشُهُ يُصْرَفُ فِي مِثْلِهِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " احْتِمَالٌ كَنَفْعِهِ كَجِنَايَةٍ بِلَا تَلَفِ طَرَفٍ، وَيُعَايَا بِمَمْلُوكٍ لَا مَالِكَ لَهُ، وَهُوَ عَبْدٌ وُقِفَ عَلَى خِدْمَةِ الْكَعْبَةِ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي " الْمَنْثُورِ ".

(وَإِذَا وَقَفَ عَلَى ثَلَاثَةٍ) كَزَيْدٍ، وَعُمَرَ، وَبَكْرٍ (ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ) أَوْ رُدَّ (رَجَعَ نُصِيبُهُ إِلَى الْآخَرَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوَّلًا، وَعَوْدُهُ إِلَى الْمَسَاكِينِ مَشْرُوطٌ بِانْقِرَاضِهِمْ، إِذِ اسْتِحْقَاقُ الْمَسَاكِينِ مُرَتَّبٌ ثَمَّ، فَإِذَا مَاتَ الثَّلَاثَةُ أَوْ رُدُّوا فَلِلْمَسَاكِينِ عَمَلًا بِشَرْطِهِ، فَلَوْ وَقَفَ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَآلًا، فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَحُكْمُ نَصِيبِهِ حُكْمُ الْمُنْقَطِعِ كَمَا لَوْ مَاتُوا جَمِيعًا، قَالَهُ الْحَارِثِيُّ، وَاخْتَارَ فِي " الْقَوَاعِدِ " أَنَّهُ يُصْرَفُ إِلَى الْبَاقِي، وَهُوَ أَظْهَرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>